السبت، 27 ديسمبر 2014

وسائل الحكم الشرع

وسائل الحكم الشرعي

خطاب التكليف، وخطاب الوضع

متن ابن عاشر
تأليف، العلامة: عبد الواحد بن عاشر
تحيقيق، الشيخ: محمد الشاذلي النيفري

قال عبد الواحد بن عاشرـ رحمه الله، تعالى ـ:

                    بطلب ، أو اذن ، أو بوضـــــع
                 لسبب، أو شرط ، أو ذي منـع

المختص المفيد من الدر الثميــــن
تأليف:الشيخ، محمد بن احمد ميارة، المالكي
اقتباس، وتحقيق: الشيخ، الهادي الغربي

قال الشيخ: محمد بن احمد ميارة:
[...] ثم تعلق الخطاب بفعل المكلف، إما أن يكون بطلب، أى: يطلب فيه طلبا، وإما أن يكون بإذن، أى: فى الفعل، والترك، بأن يبيحه، وإما أن يكون بوضع، بأن يضع، أى: بنصب أمارة، أى على الطلب، أوعلى الإذن، وتلك الأمارة إما سبب، أوشرط، أومانع.
ثم اعلم أن الطلب إما يكون طلب الفعل، أوطلب الكف عن الفعل، وكل منهما إما أن يكون طلبا جازما، أوغير جازم، فجاءت الأقسام أربعة، فطلب الخطاب الفعل من المكلف طلبا جازما بحيث لا يجوز له تركه، كالإيمان بالله، ورسله، وكقواعد الإسلام الخمس، (هو الإيجاب) وطلبه منه الفعل طلبا غير جازم، بأن يجوز تركه، كصلاة الفجر، ونحوها، (هو الندب) وطلبه منه الكف عن الفعل طلبا جازما، بحيث لم يجوز فعله، كشرب الخمر، والزنا، ونحوهما، (هو التحريم) وطلبه منه الكف عن الفعل طلبا غير جازم، بأن يجوز له فعله، كالقراءة فى الركوع، والسجود مثلا، (هو الكراهة) فبضم أقسام الطلب هذه، إلى الإذن الذي (هو إباحة الفعل، والترك) من غير ترجيح لأحدهما عن الآخر، كالبيع، ونحوه، تكمل أقسام الحكم الشرعى الخمسة، ويسمى هذا القسم (خطاب التكليف).
وتعلق الخطاب بفعل المكلف لكن بواسطة وضع أمارة، من سبب، أوشرط، أومانع، على حكم من تلك الأحكام الخمسة، هو المسمى فى الاصطلاح بـ (خطاب الوضع) وسيأتى بيان السبب، والشرط، والمانع. [...]
قوله: (بطلب إلخ) أي: تعلق الخطاب بالأفعال إما بأن يطلب فيها طلبا، أوبأن يبيحها، وهذا هو المسمى بـ (خطاب التكليف).
وإما بأن يضع لها سببا، أوشرطا، أومانعا، ويسمى (خطاب الوضع) وتخصيص هذا النوع من الأحكام باسم الوضع محض اصطلاح، وإلا فالأحكام كلها، أعني المتعلقات بالأفعال التنجيزية، بوضع الشرع، لا مجال للعقل، و للعادة، في شيء منها، قاله في شرح المقدمات.
  وقال ابن رشد: (سمي خطاب وضع، لأن الشرع جعل السبب، والشرط، والمانع، والتقديرات، والحجج، علامة موضوعة على الأحكام، فكأنه يقول إن وجد السبب وجد الحكم، وإن عدم عدم، وذلك خاصيته، وإن عدم الشرط عدم الحكم، وذلك خاصية، وإن وجد المانع عدم الحكم، وذلك خاصيته. [...]
وفي شرح جمع الجوامع للعراقي ما نصه: خطاب الوضع وضعه الله تعالى في شرائعه لإضافة الحكم إليه، تعرف به الأحكام تيسيرا لنا، فإن الأحكام مغيبة عنا.
والفرق بينه وبين خطاب التكليف من حيث الحقيقة، أن الحكم فى الوضع هو قضاء الشرع على الوصف بكونه سببا، أوشرطا، أومانعا، وخطاب التكليف لطلب أداء ما تقرر بالأسباب، والشروط، والموانع.[...]
واعلم أن خطاب التكليف يشترط فيه علم المكلف، وقدرته، كالصلاة، وخطاب الوضع لا يشترط فيه ذلك، كتضمين الصبى، والمجنون، ولذا يقول الفقهاء: (العمد، والخطأ فى أموال الناس سواء)
وقد يشترط فى بعض الأسباب العلم، كإيجاب الزنا، الرجم، والقتل، والقصاص.

المؤنس المعين
على المختصرالمفيدمن الدرالثمين
 تاليف الشيخ، الهادي الغربي

وسائل الحكم الشرعي
المؤنـــــس:

واما الخطاب الإلهي، الذي هو꞉ الحكم الشرعي، المتعلق بفعل المكلف،  فوسائله: الطلب، اوالاذن، او الوضع،  حيث قال الناظم ꞉

                  بطلب ، أو اذن ،أو بوضـــــع
                لسبب، أو شرط ، أو ذي منع

ومعني هذا، أن الناظم ـ رحمه الله – تعالي ـ  قسم الخطاب الإلهي، الذي يكون به الحكم الشرعي، إلي ثلاثة أقسام، هي على وجه الإجمال ꞉


أولا ꞉ أما أن يكون بطلب: و ذلك بأن يطلب من المكلف، طلبا ما.

ثانيا꞉ وأما أن يكون بإذن: وذلك بأن يأذن للمكلف في الفعل ، والترك، اي: يبيح له ذلك.

ثالثا ꞉ وأما أن يكون بوضع: وذلك بنصب علامة، من سبب، أوشرط ، أومانع، على الطلب، اوالاذن.

واذا تقررهذا، علم بالاستقراء، ان طلب فعل الفعل، اما ان يكون:
  
1) طلبا جازما، اي: لايجوزللمكلف تركه ابدا، وذلك كالايمان بالله ـ تعالى ـ ورسله ـ عليهم السلام ـ وكقواعد الاسلام، وهو الايجاب، واما ان يكون:
 (2طلبا غيرجازم، أي: يجوز للمكلف تركه، وذلك كصلاة الفجر، ونحوها، وهو الندب.

 وكذا يقال في طلب الكف عن الفعل، اما ان يكون:
 (3طلبا جازما، اي: لايجوز للمكلف فعله، وذلك كشرب الخمر، والزنا، ونحوهما، وهو التحريم، واما ان يكون:
 (4طلبا غيرجازم، اي: يجوز للمكلف فعله، وذلك كقراءة القرءان في الركوع، والسجود، مثلا، وهو الكراهة.

5) فاذا ما ضمت اقسام الطلب هذه، الى الاذن، الذي هو اباحة فعل الفعل، وتركه، دونما ترجيح لاحدهما على الاخر، كالبيع، ونحوه، صارت اقسام الحكم الشرعي خمسة، وهي تلك التي سميت اصطلاحا :(خطاب تكليف).
وتعلق الخطاب بفعل المكلف، بواسطة وضع امارة من سبب، اوشرط، اومانع، على حكم من تلك الاحكام الخمسة، المتقدم ذكرها، هو الذي سمي، اصطلاحا: ( خطاب وضع ).
 ولكي لا يلتبس الامرنشيرالى ان تخصيص خطاب الوضع بهذا الاسم،  انماهومحض اصطلاح لاغير،والا فكل الاحكام المتعلقة بالافعال التنجيزية هي بوضع الشرع، ولا مجال للعقل ولاللعادة في شيء منها، ولكنه سمي خطاب وضع ـ كما قال ابن رشد، في شرح المقدمات ـ:( ...لأن الشرع جعل السبب، والشرط، والمانع [...]علامة موضوعة على الأحكام، فكأنه يقول إن وجد السبب وجد الحكم، وإن عدم عدم، وذلك خاصيته، وإن عدم الشرط عدم الحكم، وذلك خاصية، وإن وجد المانع عدم الحكم، وذلك خاصيته... ).
وجاء في شرح الجوامع للعراقي:( خطاب الوضع وضعه الله تعالى في شرائعه لإضافة الحكم إليه، تعرف به الأحكام تيسيرا لنا، فإن الأحكام مغيبة عنا).
وكما قال ـ ايضا ـ الشيخ، محمدبن احمد ميارة، في الدرالثمين: (قوله ꞉        أو بوضع، لسبب، أو شرط، أو ذي منع ( أي ꞉ بوضع الله- تعالى- على كل حكم من تلك الأحكام الخمسة، المتعلقة بفعل المكلف، علامة، من سبب، أو شرط، أو مانع، يوجب بمقتضاه تقرير الحكم، وإيجاده، إذ لا وجود لخطاب التكليف إلا إذا اقترن به خطاب الوضع.). اهـ

الفرق بين الخطابين:

هذا، ويظهر الفرق بين الخطابين، في ان الحكم في الوضع، هو قضاء الشرع على الوصف بكونه سببا، اوشرطا، اومانعا، وخطاب التكليف لطلب اداء ما تقرر بالاسباب، والشروط، والموانع.

وكذلك يظهرالفرق بين الخطابين، في كون خطاب التكليف يشترط فيه علم المكلف وقدرته، وذلك كالصلاة، بخلاف خطاب الوضع فانه لايشترط فيه ذلك، كتضمين الصبي، والمجنون، حيث قال الفقهاء: (العمد والخطأ في اموال الناس سواء)، وذلك لان ضمان المتلفات من باب خطاب الوضع الذي لايشترط فيه علم، ولاقدرة، ولاتعمد. ... والله اعلم.

يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحابته، ومن والاه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

الشك في ركوع مجهول محله حال القيام للركعة الأخيرة

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

فقه الصلاة المذهب المالكي
أمثلة للشكّ المتوقع في الفرض المجهول محله أثناء الركعة الأخيرة

5/ الشك في ركوع مجهول محله حال القيام للركعة الأخيرة:
إذا حصل الشك، أو الظن، أو الوهم، في الركوع، ولم يدر الإمام أو الفذ محله، حال القيام للركعة الرابعة، أثناء القراءة أو بعدها، قبل الانحناء لركوعها، ركع الشاك  وشبهه، إن كان غير مستنكح، بنية إصلاح الركعة الثالثة، وعقب سجدتيها يجلس لدعاء التشهد، لانقلابها ركعة ثانية، بعد إلغاء إحدى الركعتين الأوليين، ثم يتم الصلاة التي هو فيها على صفتها المعلومة في الصلاة الرباعية الركعات، ثم قبل السلام منها يسجد سجدتي السهو، لنقص السورة من الركعة الثالثة التي تحولت ركعة ثانية، وزيادة الركعة الملغاة.
       فإن تيقن سلامة الركعة الثالثة وتمامها، أتم الركعة الرابعة التي هو فيها، جاعلا إياها ثالثة ركعات صلاته، ثم أتى بركعة أخرى يختم بها صلاته الرباعية الركعات، وقبل السلام منها يسجد سجدتي السهو، وقد انقلبت ركعات صلاته على النحو المتقدم ذكره.
       وأما إذا كانت الصلاة ثلاثية الركعات، وحصل الشك في الركوع حال القيام للركعة الثالثة. أثناء القراءة، أو بعدها، فعلى الشاك أن يجعل هذه الركعة التي هو فيها، ثانية ركعات صلاته، ثمّ  يركع الركوع المشكوك فيه، ويأتي بما بعده، بنية إصلاح الركعة الثانية، وإلغاء الركعة الأولى، ثم يجلس لدعاء التشهد، ثم بعد الفراغ منه، يأتي بالركعة الثالثة على صفة الركعة الأخيرة من الصلاة الثلاثية الركعات، فإذا ما سلم منها، سجد سجدتي السهو، لزيادة الركعة الملغاة، وذلك إن لم يكن قد نقص سنة ولو خفيفة، وإلا فقبله.
       فإن تيقن سلامة الركعة الثانية، ألغى الركعة الأولى، وأتم الركعة التي هو فيها بنية الركعة الثانية، وأكمل صلاته على النحو المتقدم ذكره.
       وأما المستنكح، فإنه لا يطالب بشيء من هذا، بل يستحب في حقه أن يسجد سجدتي السهو بعد السلام، ترغيما للشيطان... والله اعلم
يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ ...والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالملين، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


مقدمة اصولية ، تعلق الخطاب الشرعي

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

مقدمة اصولية

تعلق الخطاب الشرعي

متن ابن عاشـــــــــــر
تاليف، العلامة: عبد الواحد بن عاشر
تحقيق، الشيخ: محمد الشاذلي النيفر


قال الشيخ، عبد الواحد بن عاشرـ رحمه الله تعالى ـ:

..................................
المقتضي فعل المكلف افطنا

المختص المفيد من الدر الثميــــن

تأليف:الشيخ، محمد بن احمد ميارة، المالكي
اقتباس، وتحقيق: الشيخ، الهادي الغربي

قال الشيخ: محمد بن احمد ميارة:

[...] وقوله: المتعلق بأفعال المكلفين يخرج أربعة أشياء:
 (الأول) خطابه ــ تعالى ــ المتعلق بذاته العلية، نحو (لا إله إلا الله).
 و(الثانى) الخطاب المتعلق بفعله، نحو (الله خالق كل شىء).
 و(الثالث) الخطاب المتعلق بالجمادات، نحو{ويوم نسير الجبال}.
 (الرابع) الخطاب المتعلق بذوات المكلفين، نحو {ولقد خلقناكم ثم صورناكم}.
 والمراد بفعل المكلف، ما يصدر منه، ليشمل: القول، والنية) اهــ .
[...]ثم قال في شرح المقدمات والمكلف هو (البالغ، العاقل)، ومن هنا يعلم أن الصبى لا يتعلق به حكم، هكذا قيل. [...] اهـ
 وقال المحلى فى شرح جمع الجوامع: (ولا يتعلق خطاب بفعل غير البالغ، العاقل، وولى الصبى، والمجنون، بأداء ما وجب فى ما لهما منه، كالزكاة، وضمان المتلف، كما يخاطب صاحب البهيمة، بضمان ما أتلفته، حيث فرط فى حفظها، لتنزل فعلها فى هذه الحالة، منزلة فعله، وصحة عبادة الصبي كصلاته، وصومه، المثاب عليهما، ليس لانه مأموربها كما في البالغ، بل ليعتادها فلا يتركها بعد بلوغه، ان شاء الله ذلك.
ولا يتعلق الخطاب بفعل كل بالغ، عاقل كما يعلم مما سيأتي، من امتناع تكليف الغافل، والملجأ، والمكره، ويرجع ذلك في التحقيق إلى انتفاء تكليف العاقل، البالغ، فى بعض أحواله) اهـ. [...]

 المؤنس المعين
على المختصرالمفيدمن الدرالثمين

تاليف الشيخ: الهادي الغربي

تعلق الخطاب الشرعي

المؤنــــس:

هذا، واما عمن يتعلق به الخطاب الشرعي، فقد اشار الناظم ـ رحمه الله، تعالى ـ اليه، قائلا:
.................................
(المقتضي فعل المكلف افطنا)

ومعنى قوله:(المقتضي فعل المكلف...الخ) يفيد أن الخطاب الشرعي،  لايتعلق الا بأفعال المكلفين، لابغيرهم.

 ويفهم منه ـ  ايضا ـ انه قيد أخرج به:

 خطاب الله- تعالى- المتعلق بذاته العلية، نحو: (لا إلاه إلا الله).
وخطابه ـ سبحانه ـ المتعلق بفعله، نحو: (الله خالق كل شيء).
وخطابه ـ عزوجل ـ المتعلق بالجمادات، نحو: (ويوم نسيَر الجبال). وخطابه ـ جل شأنه ـ المتعلق بذوات المكلفين، نحو: (ولقد خلقناكم ثم صورناكم).

وأما المراد بفعل المكلف، فهو ما يصدر منه، من قول، ونية.

والمكلف: هو ذاك الإنسان، البالغ، العاقل، واما غيره، فلا يتعلق به الخطاب اصلا،  كالصبي، والمجنون، ونحوهما، ومن كان مشابها لهما، كالغافل، والمكره، وحينئذ ينتفي تكليف العاقل البالغ في بعض احواله.

وبناء على هذا فانه يجب على ولي الصبي ـ مثلا ـ اوالمجنون ان يخرج زكاة مالهما، باعتباره هو المخاطب شرعا، بأداء ما وجب عليهما في مالهما، من زكاة.

  ومثله في الحكم، خطاب صاحب البهيمة بضمان ما أتلفت بهيمته، حيث فرّط في حفظها، ومنعها، لتنزل فعلها في هذه الحالة منزلة فعله.

ولكي لايلتبس الامرعلى الناظرين، في شأن صحة عبادة  الصبي، وثوابه عليها، صلاة كانت، اوغيرها، تبعا لعدم تعلق الخطاب به، اشار فقهاء مذهبنا الى ان مرجع ذلك: (ليس لأنه مأمور بها، كما في المكلف، بل ليعتادها، فلا يتركها بعد بلوغه إن شاء الله، ذلك).

وقوله: (افطــنا)، بضم الطاء، وفتحها، فعل أمر من فطن، أي: أفهمه، وأدركه، وأحذقه... والله اعلم.

يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحابته، ومن والاه.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الاثنين، 22 ديسمبر 2014

4/الشك في سجود مجهول محله بعد الرفع من ركوع الركعة الأخيرة

بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

فقه الصلاة المذهب المالكي
أمثلة للشكّ المتوقع في الفرض المجهول محله أثناء الركعة الأخيرة

4/الشك في سجود مجهول محله بعد الرفع من ركوع الركعة الأخيرة:
        وأما إذا حصل الشك، وشبهه، في السجود المجهول محله، بعد رفع الرأس من ركوع الركعة الأخيرة، قائما معتدلا، فإنه لا يجب على الشاك، إماما كان أو فذا، وكان غير مستنكح، أن يسجد السجود المتروك، لفوات محل التدارك، بل عليه أن يلغي إحدى الركعتين الأوليين ويتم هذه الركعة التي رفع من ركوعها، جاعلا إياها ثالثة ركعات صلاته، إن كانت الصلاة التي هو فيها رباعية الركعات، ثم يأتي بالركعة الأخيرة على صفتها المعهودة، وقبل السلام من الصلاة يسجد سجدتي السهو، لنقص السورة من الركعة الثالثة الأصلية، التي تحولت ركعة ثانية، وزيادة الركعة الملغاة.
      وكذا يكون العمل لو كانت الصلاة ثلاثية الركعات، إلا أنه يجب على الشاك، أن يجلس لإعادة دعاء التشهد، بعد إتمام الركعة التي رفع من ركوعها، لتحولها ركعة ثانية، ثم يتم صلاته على صفتها المعلومة، فإذا فرغ منها، سجد سجدتي السهو قبل السلام، لنقص السورة من الركعة الأخيرة التي تحولت ركعة ثانية وزيادة الركعة الملغاة.  
      وأما المستنكح، فإنه غير معني بهذا أصلا، وإن استحب له أن يسجد سجدتي السهو بعد السلام، ترغيما للشيطان... والله اعلم.
يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ ...والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالملين، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الاثنين، 15 ديسمبر 2014

مقدمة اصولية، تعريف الحكم الشرعي

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

متن ابن عاشـــــــــــر
تاليف، العلامة: عبد الواحد بن عاشر
تحقيق، الشيخ: محمد الشاذلي النيفر


مقدمة اصولية
تعريف الحكم الشـــــــــرعي
قال عبد الواحد بن عاشرـ رحمه الله ـ:
الحكم في الشرع خطاب ربنا   ........................

المختص المفيد من الدر الثميــــن

تأليف:الشيخ، محمد بن احمد ميارة، المالكي

اقتباس، وتحقيق: الشيخ، الهادي الغربي
قال الشيخ: محمد بن احمد ميارة:
أخبر أن الحكم الشرعي، المستند إلى الشرع، وهو الذي لا يعلم إلا منه، ولا يتوصل إليه بعقل، ولا بعادة، هو: خطاب الله تعالى المقتضى، أى: المتعلق بفعل المكلف، يريد من حيث أنه مكلف. [...]
فقوله الحكم فى الشرع (في) بمعنى الباء كقوله:

ويركب يوم الروع منا فـــــوارس
بصيرون في طعن الأباهر والكلى
أي: بطعن.
أي: الحكم بإثبات أمر لأمر، أونفى أمر عن أمر، بالشرع لا بالعقل، ولا بالعادة، هو: (خطاب ربنا... الخ). [...]
وكون الخطاب هنا، بمعنى المخاطب به اهـ.
وفي نسخه بخط الناظم ـ أيضا ـ : حكم إلهنا، خطابه المفيد فعل المكلف. [...]

قال في شرح المقدمات قوله، في حد الحكم الشرعي: خطاب الله تعالى، كالجنس فى الحد.
وحقيقة الخطاب: الكلام الذى يقصد به من هو أهل للفهم.
واختلف هل من شروط التسمية به، وجود المخاطب ام، لا، وعلى ذلك جرى الخلاف في كلام الله ـ تعالى ـ هل يسمى في الازل خطابا قبل وجود المخاطبين ام، لا.
والمراد بالخطاب، هو المخاطب به، من إطلاق المصدر على اسم المفعول.
وإضافة الخطاب إلى الله ــ تعالى ــ تخرج خطاب غيره، كالملوك، والآباء، والأمهات، والمشايخ، وبالجملة يخرج بهذا القيد، خطاب من سوى الله ــ تعالى ــ من الملائكة، والإنس، والجن، فلا يسمى خطاب هؤلاء كلهم، حكماً شرعياً، وإنما سمى خطاب الرسل بالتكاليف حكما شرعيا، لأنهم مبلغون عن الله ــ تعالى ــ معصومون فى تبليغهم من الكذب عمدا، وسهوا. [...]

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
المؤنس المعين
على المختصرالمفيد من الدرالثمين

تاليف الشيخ: الهادي الغربي
                                            

الحكم في الشرع

(الحكم في الشرع خطاب ربنا)
......................................
المؤنـــس:
قوله : (الحكم...الخ)
الحكم لغة: مصدر حكم، يحكم، جمع أحكام: هو العلم، والفقه، والقضاء، والفصل، ومن ذلك قوله – تعالى-:{قَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{113} ـ البقرة، وقال- تعالى-:{ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ {22} ـ ص.
وفي الحديث الشريف، في صفة القرءان الكريم:(وهوالذكرالحكيم)، أي: الحاكم لكم، وعليكم.
والعرب تقول، حكمت، وأحكمت، و حكمت ـ بتضعيف الكاف ـ بمعنى منعت، ورددت، ومن ذلك قيل للحاكم بين الناس: حاكم، لأنه يمنع الظالم من الظلم.
والحاكم، جمع حكّام، وحاكمون: القاضي الذي يقضي بين المتخاصمين.

الحكم اصطلاحــــا
الحكم اصطلاحا: وأما الحكم اصطلاحا، فهو: إثبات أمر لأمر، أو نفي أمر عن أمر.
وانه لكذلك، بيد انه تجدرالاشارة، إلى أن من أدرك أمرا من الأمور، ولم يحكم بثبوته لأمر، ولا بنفيه عن أمر، يسمى إدراكه هذا (تصورا)، وذلك كأن يدرك الإنسان أن معنى الحدوث هو الوجود بعد العدم.
وأما إن صاحب هذا التصور لمعنى الأمر المدرك – بفتح الراء - الذي هوالحدوث، إثبات لأمر ما، أو نفي له، سمي هذا النفي، أو الإثبات، للأمر الذي حصل، تصوره، اصطلاحا، (حكما وتصديقا)، وذلك كإثبات أمر الحدوث للعالم – بفتح اللام - الذي هو، ما سوى الله ـ تعالى- ونفي أمر الحدوث، عمن وجب له القدم ـ سبحانه - وتعالى-.

أقسام الحكم من حيث أنه حكم

وأما الحكم من حيث أنه اثرللشيء المترتب عليه، فإنه بالنظر إلى مستنده على ثلاثة أقسام:

القسم الأول، الحكم العقلي: وهو الذي لا يدرك بشرع ولا بعادة، وإنما يدرك بالعقل من غير أن يستند إلى شيء آخر، ولذلك نسب إلى العقل، كقولنا ـ مثلا - في الإثبات: (العشرة زوج)، وكقولنا في النفي: (السبعة ليست بزوج)، إذ في هذين المثالين، كان كل من الإثبات، والنفي، مستندا إلى العقل وحده، وكذلك لو أثبتنا قائلين: (العالم ــ بفتح اللام- حادث)، ونفينا قائلين: ( مولانا ـ تبارك وتعالى- ليس بحادث).

ولخصوصية الحكم العقلي، أشار المرحوم – ابن عاشر- في (مقدمة الاعتقاد)، من نظمه قائلا:

وحكمنــا العقلــي قضية بــــلا
وقف على عادة،أو وضع جلا

القسم الثاني، الحكم العادي: وهو الذي لم يستند النفي فيه أو الإثبات، إلى شرع، أوعقل، وإنما استند في التوصل إليه، إلى التجربة، والتكرار، والاختبار، وذلك، كقولهم في الإثبات: (الحديد يصدأ)، و(الطعام يشبع)، وقولهم في النفي: (الملح لايفسد الطعام)، و( خبز الفطير ليس بسريع الانهضام)، فمثل هذين الحكمين، استندا إلى العادة، والتجربة، ولم يستندا إلى الشرع أو العقل.

هذا، وقد يكون الحكم العادي حكما (قوليـــا) كقولهم: (الفاعل، مرفوع، والمفعول به منصوب)، ونحوذلك من الاحكام اللغوية، والنحوية، اويكون حكما (فعليـــا)، كما جاء في المثالين السابقين.

القسم الثالث، الحكم الشرعي: وهو الحكم الذي لايعلم الا من الشرع، ولايستند في حكم الاثبات، اوالنفي، الا عليه، اذلا رأي للعقل، اوالعادة في تقريره، اثبات، اونفي، وذلك كما هو مقررفي الاثبات، ان (الصلوات الخمس، واجبة)، وفي النفي، ان ( صوم عاشوراء، ليس بواجب)، فالحكم في هذين المثالين، ادرك بالشرع، ولم يدرك بعقل، اوعادة.


تعريف الحكم الشرعي

وبناء على هذا عرف، الناظم - رحمه الله ـ تعالى- الحكم الشرعي، قائلا:

الحكم في الشرع خطاب ربنا
.........................................

فقوله :(الحكم في الشرع...الخ)، أي: أن الحكم الشرعي المستند إلى شرع الله- تبارك، وتعالى- و الذي لا يعلم إلا منه، ولا يتوصل إليه لا بعقل، ولا بعادة، هو: (خطاب الله- تعالى- ، و كلامه الازلي الذي خاطب به المكلفين، سواء وجد المخاطب به، اولم يوجد) ، اذ المراد بالحكم الشرعي، كما نقل الشيخ، محمد بن أحمد ميارة، المالكي- رحمه الله تعالى- عن صاحب المقدمات، قال: ( قلت: المراد بالحكم الشرعي، هنا التعلق التنجيزي لخطاب الله القديم بأفعال المكلفين بعد وجودهم، وتوفر شروط التكليف فيهم، وهذا التعلق ليس بقديم، وإنما القديم، هو كلام الله ـ تعالى- وتعلقه العقلي الصلاحي بالمكلفين في الأزل، وإطلاق الحكم الشرعي على التعلق التنجيزي، بالحادث، مشهور عند الفقهاء، والأصوليين).

 والخطا ب ـ كما جرى به اللسان العربي ـ هو الكلام الذي يقصد به من اهل للفهم.

وقوله: (خطاب ربنا ... الخ)، أي: ليس خطاب غير الله – تبارك وتعالى- .

وهكذا، فانه بهذا القيد (اضافة الخطاب إلى الله – عز، وجل-)، خرج خطاب الملوك، والآباء، والأمهات، والمشائخ، والملائكة، والجن، وما شابه ذلك، فإن كل هؤلاء وأمثالهم، لا يسمى خطابهم حكما شرعيا، ما عدا الأنبياء، والمرسلين، فان خطابهم تصدق عليه التسمية، باعتبارهم مأمورون بالتبليغ عن الله – سبحانه -  ومعصومون عن الكذب، عمدا، أو سهوا.
يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحابته، ومن والاه.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ