الأحد، 18 ديسمبر 2016

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

من خصائص الخطبة الجمعية
على المذهب المالكي
الخاصيــــة الســــــــادسة 
  
أنه يسن الجلوس في أولها: وذلك لفعله صلى الله عليه وسلم حيث كان عليه السلام إذا دخل المسجد رقـى المنبر ثم جلس قبل الشروع في الخطبة.
 فعن السائب بن يزيد ـ رضي الله عنه ـ فيما رواه البخاري, قال:" كان النداء يوم الجمعة أوله, إذا جلس الإمام على المنبر, على عهد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر، وعمرـ رضي الله عنهما ـ فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس, زاد النداء الثالث على الزوراء "
وعنه رضي الله عنه: "...ولم يكن للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤذن غير واحد, وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الإمام "
وعنه من رواية الإمام النسائي: " أن الأذان كان أول حين يجلس الإمام على المنبر يوم الجمعة, في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأبي بكر، وعمر"
وقال ـ رضي الله عنه ـ في رواية أخرى: " كان بلال يؤذن إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يوم الجمعة, فإذا نزل أقام, ثم كان كذلك في زمن أبي بكر، وعمرـ رضي الله عنهما ـ "
وقال مالك في الدونة: " الخطب كلها خطبة الإمام في الإستسقاء, والعيدين, ويوم عرفه, والجمعة, يجلس فيما بينهما, يفصل فيما بين الخطبتين بالجلوس, ويبتدئ الخطبة الأولى, يجلس ثم يقوم يخطب, ثم يجلس أيضا, ثم يقوم يخطب "
وقال: " إذا صعد الإمام المنبر في خطبة العيدين جلس قبل أن يخطب, ثم يقـوم فيخطب، وأما في الجمعة فإنه يجلس حتى يؤذن المؤذن "
وعن حكم الجلوس فبل الشروع في خطبة الجمعة, يقول ابن يونس: " السنة عندنا أن يجلس الإمام يوم الجمعة حتى يؤذن المؤذن, ثم يقوم يخطب"
والمشهور في مذهبنا أنه سنة مؤكدة, للأحاديث المتقدمة خلافا لمن قال بوجوبه.
وأما القول باستحبابه, فقول ضعيف لا يعول عليه.

... يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ ... والحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على سيدي، وقائدي، وقرةعيني، وشفيعي، محمد رسول الله، وعلى آله، واصحابه، ومن والاه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد، 21 أغسطس 2016

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

من خصائص الخطبة الجمعية
على المذهب المالكي
الخاصية الخامســـــة

أن حضورها فرض عيـن: وذلك لأمره ـ تعالى ـ بالسعي إليها حيث قال سبحانه وتعالـى:{يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} الجمعة-9-
والأمر بالسعي كما جاء في أحكام القرآن للطبري هو:" للوجوب" وبه قال القرافي وغيره.
   هذا, وإذا كان لفظ السعي في القرآن الكريم, يراد به: العمل, والفعل والإهتمام, وليـس السعي على الأقدام, كان اعتباره بهذا المعنى أوكد في مطالبة المخاطبين بالجمعة، بالحضورلاستماع الخطبة من أولها والإهتمام بها, لقوله تعالى:" فاسعوا إلى ذكر الله" وذكر الله كما أسلفنا عموم في الخطبة والصلاة.
   وللإمام مالك تفسير جيد لكلمة السعي, إذ روي عنه في الموطأ, أنه سال ابن شهاب عــن قول الله ـ عز وجل ـ {يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر اللهفقال ابن شهاب: كان عمر بن الخطاب يقرؤها:" إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فامضوا إلى ذكر الله". قال مالك: وإنما السعي في كتاب الله: العمل والفعل، يقول الله ـ تبارك وتعالـى ـ: {وإذا تولى سعى في الأرض} وقال تعالى: {وأما من جاءك يسعى وهو يخشىوقـال: {ثم أدبر يسعى وقال: {إن سعيكم لشتى قال مالك: فليس السعي الذي ذكر الله فـي كتابه: السعي على الأقدام, وإنما عنى العمل والفعل" إهـ 
وما الفعل والعمل إلا الحضور الفعلي لاستماع الخطبة وأداء الصلاة.
بل وأحسب أن حضور الخطبة الجمعية, واجب- أيضا- على رأي مفسري السعي, بالمضي والسير على الأقدام, إذ الغرض من الأمر بالسعي, كما يقول ابن عباس رضي الله عنهما في تنوير المقباس, هو:" المضي إلى خطبة الإمام والصلاة معه" . إ هـ
   ويقول الشيخ أبو الحسن المنوفي في كفاية الطالب الرباني على رسالة ابن أبي زيـد القيرواني: " وإذا وجب السعي إلى الجمعة وهو وسيلة, فأحرى ما سعى إليه... إذ المراد بالسعي هنا: المشي, وهو فرض في الحضور, حتى لو كان في المسجد لا يجب عليه، وانما وجب عليه السعي للجمعة ولم يجب في غيرها لانها لاتكون الا في الجامع، واما غيرها فلايختص بموضع" إهـ
  وإلا يكن ذلك كذلك, تفقد الخطبة الجمعية حكمة مشروعيتها, وحاشا لله أن يدعو الناس لغير صالح معاشهم ومعادهم.
ولنا أن نستشف كذلك فرض حضور الخطبة الجمعية مما أثر عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قولا وعملا, إذ قد روي عنه فيما أخرجه النسائي عن أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" رواح الجمعة واجب على كل محتلم".
وما الجمعة, إلا خطبة، وصلاة, وتركهما أو أحدهما لغير ضرورة موجب لغضب الله تعالى حيث قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه مسلم:" لينتهي أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم, ثم ليكونن من الغافلين". وفي رواية لإبن ماجه, أنه صلى الله عليه وسلم قال:" من ترك الجمعـة ثلاثا من غير ضرورة طبع الله على قلبه".
بل وقد بلغ من شدة غضبه صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم, أن قال:" لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم".
     ثم ها هو عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ينكر على من لم يحضر الخطبة من أولها, ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال:" بينما عمر ابن الخطاب يخطب في الناس يوم الجمعة, إذ دخل عثمان بن عفان رضي الله عنه, فعرض به عمر فقال: ما بال رجال يتأخرون بعد النداء يوم الجمعة؟ فقال عثمان: يا أمير المؤمنين, ما زدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت، فقال عمر: والوضوء أيضا, ألم تسمعوا رســول الله صلى الله عليه وسلم يقـــول: " إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل".
وتعليقا على قول عمر, هذا, قال الإمام النووي في قوله: " أي ساعة هذه؟" قاله توبيخا وإنكارا لتأخره إلى هذا الوقت".
     وبناء على هذا, أجمع علماء الإسلام كما قال الفاكهاني, على وجوب الجمعة على جميع المخاطبين بها, ما لم تقعدهم الموانع الشرعية عن حضورها.
وما الجمعة في المفهوم الشرعي, إلا عبادة مؤلفة من خطبتين وصلاة ركعتين, يجب على المخاطبين بها السعي إليها, سعي يدركون به حضور الخطبتين من أولهما.
 ويخطئ بعضهم حين يزعم أن حضور خطبتي الجمعة فرض كفائي, إذا قام به إثنى عشـرغير الإمام, ممن تنعقد بهم الجمعة, سقط عن جميع المخاطبين بها حضورهما, ويكفهـم حسب زعمهم إدراك ركعة فقط من صلاة الجمعة للخروج من عهدة ما فرض عليهم.
    والحقيقة, أن مثل هذا الكلام, تخمين غير بصير بمقاصد التشريع الإسلامي, وتأويل لنصوص فقهية في غير محله.
ذلك أن الفرض الكفائــي الذي أسقط عنهم الفرض العيني إنما هو متعلق بصحة صلاة الجمعة, وانعقادها, بحيث لو حضر العدد المذكور الخطبة من أولها إلى السلام من الصلاة, صحت الجمعة وخرجوا من عهدة الواجب, وإلا باء جميع المخاطبين بها بجريرة تعطيلها.
وأما الزائد على هذا العدد, فحضورهم خطبتي الجمعة فرض عين في حقهم, لا يسقطه عنهم الإمام والإثنى عشر الذين انعقدت بهم الجمعة, وإن صحت صلاتهم بإدراك ركعة منها، وأما عدم حضورهم خطبة الإمام فهذا وزر آخر..
    ولذلك قال العلامة, محمد الطاهر بن عاشور, في قوله تعالى:" وإذا رأوا تجارة أو لهـوا انفضوا إليها وتركوك قائما": وهذه الآية تــدل على وجوب حضــور الخطبــة في صـــلاة الجمعة, إذ لم يقل: وتركوا الصلاة" إهـ

... يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ ... والحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على سيدي، وقائدي، وقرةعيني، وشفيعي، محمد رسول الله، وعلى آله، واصحابه، ومن والاه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأحد، 22 مايو 2016

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

من خصائص الخطبة الجمعية
على المذهب المالكي
الخاصية الرابعــــــــة

أنهــا خطبتـــان: لما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن ابن عمرـ رضي الله عنهمـا ـ أنه قال:" كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائما ثم يقعد ثم يقوم كما تفعلون الآن. "
وعنه رضي الله عنه ـ فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه ـ أنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم, يخطب يوم الجمعة قائما ثم يجلس ثم يقوم" قال: " كما تفعلون اليوم".
وله أيضا عن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ قال:" كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس"
وفي هذا الحديث, قال الإمام النووي: " فيه دليل على أن الجمعة لا تصح إلا بخطبتين, وقال القاضي: " ذهب عامة العلماء إلى اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة " إهـ.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في متنه:" والخطبة فيها واجبة قبل الصلاة " و- ألــ - فــــي قوله " والخطبة " للجنس, فلا ينافي أنه لا بد من خطبتين يجلس بينهما, كما قال الشارح الشيخ أحمد بن غنيم بن سالم بن مهنا النفراوي المالكي, صاحب الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني.
وجاء في التاج والإكليل لمختصر متن خليل, للمواق: " قول خليل: شرط الجمعة وقوع كلها بالخطبة وقت الظهر" قال ابن عرفه: " الخطبتان فرض, لقول ابن القاسم: إذا لم يخطب في الثانية ما له بال, أعادوا" قال ابن يونس:" لأن الخطبة بدل من الركعتين, فلما كانـــت الركعتان فرض, فكذلك ما هو بدل منهما."
ثم قال ابن عرفه: " والمعروف على وجوبهما شرطيتهما, ومعنى الشرط, ما لا يـوجد المشروط بدونه, وقد يوجد الشرط دون المشروط كالصلاة لا توجد بدون طهارة, والطهارة توجد بدون الصلاة " فالطهارة شرط في الصلاة"
وقال الإمام أبو حامد الغزالي في الإحياء: " الشرط السادس- الخطبتان, فهما فرض."
     وبناء على ما تقدم, إن خطب الإمام واحدة وصلى, أعاد الجمعة بعد الإتيان بخطبة ثانية مما تسميه العرب خطبة, إذا لم يطل الفصل بين الخطبتين, وذلك لاشتراط وصل بعضهما ببعض, فإن لم يطل الفصل بأن كان يسيرا, فمغتفر, ومنه الفصل بين الخطبتيـن بالصـلاة, وهذا هو المشهور في مذهبنا. ... والله اعلم.
... يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ ... والحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على سيدي، وقائدي، وقرةعيني، وشفيعي، محمد رسول الله، وعلى آله، واصحابه، ومن والاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الثلاثاء، 15 مارس 2016

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
من خصائص الخطبة الجمعية
على المذهب المالكي

الخاصية الثالثــــــة

أنها نصف الفرض: وهذا هو المشهور من أقوال العلماء, وذلك لأن خطبة الجمعية بمنزلة الركعتين في الصلاة الرباعية.
وفي هذا يقول الإمام ابن عرفه:" الخطبتان معا فرض, لقول ابن القاسم:" إن لم يخطب في الثانية ما له بال, أعادوا"
وقال ابن يونس: لأن الخطبة بدل من الركعتين, فلما كانت الركعتان فرضا, فكذلك ما هو بدل منهما.
ولا  أدل على ذلك من اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة عند جمهور العلماء, وقد يكـــون سندهم في ذلك قوله تعالى:" يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله." وذكر الله ـ كما تقدم ـ: خطبتين وصلاة ركعتين عقبهما. والله أعلم.
... يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ ... والحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على سيدي، وقائدي، وقرةعيني، وشفيعي، محمد رسول الله، وعلى آله، واصحابه، ومن والاه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الأربعاء، 24 فبراير 2016


بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

نشرع على بركات الله ـ تعالى ـ في نشركتابنا المؤنس، تزامنا مع كتابنا خصائص الخطبة الجمعية، على صفحات مدونتا المباركة، ابتداء من اليوم، راجين من الحق ـ سبحانه ـ ان ينفع به، وينفعنا يوم لاينفع مال، ولابنون... وعلى الله التكلان، ومنه العون والتوفيق.

المؤنس الوافر
على نظم ابن عاشــــر

تأ ليف
الشيخ، الواعظ: الهادي الغربي
المدرس سابقا، بجامع الزيتونة المعمور، وعضوبمشيخة الجامع الاعظم وفروعه



الكتاب الاول
مقدمة اصوليــــــــــــــــة

ويليه
المختصرالمفيد من الدرالثمين، الشهيربميارة الصغير
***********

مقدمة اصوليــــــة
متن ابن عاشر              
تأليف، العلامة: عبد الواحد بن عاشر
تحيقيق، الشيخ: محمد الشاذلي النيفري

قال الشيخ، عبد الواحد بن عاشر- رحمه الله – تعالى- في نظمه الشهير- المرشد المعين على الضروري من علوم الدين :

مقدمة من الأصول معينة فى فروعها على الوصول
المؤنس الوافـــــــــــــــر

تأليف الشيخ،الواعظ: الهادي الغربي

قدم ابن عاشر- عليه سحائب الرحمة - بين يدي الحديث في فقه الفروع، مقدمة، موجزة من علم الأصول، تحدث فيها عن الحكم الشرعي، وأقسامه، ووسائله، كي يستعين بها دارس فروع فقه الأصول، على معرفة حقائق أحكام تلك الفروع الفقهية، كمعرفة أن الواجب - مثلا- ما طلب الشارع فعله طلبا جازما، وأن المندوب ما طلبه طلبا غير جازم، ونحو ذلك من الأحكام الآتي بيانها، إن شاء الله ـ تعالى ـ كالمحرم، والمكروه، والمباح، وكفى بذلك إعانة، كما قال الشيخ: محمد بن احمد ميارة، المالكي، في كتابه الدرالثمين، والمورد المعين، شرح المرشد المعين، على الضروري من علوم الديــــــن.

وأما قوله: (مقدمة...) فخبر لمبتدأ محذوف، تقديره هذه مقدمة.

وقوله: (من الأصول...) جاء على حذف مضاف، تقديره علم، أو فن، أي: من فن الأصول، وهو صفة أولى لمقدمة، متعلقة بمحذوف تقديره، منقولة، أي مأخوذة  من علم الأصول.

وقوله: (معينة...) وصف ثان لمقدمة، أي يستعان بمعرفتها، في فروع الأصول المشارإليها آنفا، على الوصول إلى معرفة أحكامها، وهو معنى قوله: (على الوصول).

وبهذا الوصف ـ كما قال الشيخ، ميارة ـ رحمه الله ـ تعالى ـ : (يتعلق المجروران بعده) أي: بعد  قول الناظم: (في فروعها)، وقوله: (على الوصول).

معنى مقدّمة
ومقدّمة ٬ بكسر الدال٬ أفصح من فتحها٬ أي: متقدمة، من (قـــــدم، اللازم ـ بفتح القاف ـ)، بمعنى تقدَم، وبفتحها، من (قـــــدَم) المتعدي ــ بتضعيف الدال ــ  بمعنى، ان الغيرقدَمها.

ومقدمة الكتاب: هي الفصل الذي يعقد في أوله٬ وإن شئت قلت: هي ما يتوقف عليه الشروع في محتواه٬ أوهي خلاصة قدّمت أمام المطلوب٬ لارتباط بينهما٬ وتعريف  به .
وقد يراد بها، مقدَمة الجيش، وهي الجماعة، او الكوكبة المتقدمة منه.
وقد يراد بها ـ ايضا ـ مقدمة العلم، وهي مايتوقف عليه الشروع في مسائله.
 بخلاف مقدمة الكتاب، فانه يراد بها الفصل الذي يعقد في اوله، وبهذا يظهرالفرق بين قولهم: (مقدمة العلم)، وقولهم: (مقدمة الكتاب).

الأصــــــــــــل
قوله: (من الأصول...)
الأصل لغة: يجمع على أصول٬ وهو أسفل الشيء٬ ومنه٬ قولهم: (أسفل الجبل) أي: أصله الذي يقام عليه، وأصل الشجرة٬ أي: طرفها الثابت في الأرض٬ وأصل الجدار، أي: أساسه.

والخلاصة٬ هي: أن الأصل ما قابل الفرع ولذلك قالوا في تعريفه: (انه ما بني عليه غيره)٬ ومن ذلك أصول الفقه٬ أي: ادلته، وقواعده.
 الفـــــــــــرع
والفرع لغة: يجمع على فروع٬ وهو: ما بني على غيره٬ كالأساس يبنى عليه الجدار٬ وفروع الشجرة٬ على أصولها٬ وفروع الفقه لأصولها.
علم الأصـــــــــــول
وأما علم الأصول، فهو كما عرفه الفقهاء: (النظر في الادلة الشرعية، لاستنباط الاحكام، والتكاليف، وفق القواعد المقررة في هذا العلم).

وهذه الأدلة التي ذكروا، على ضربين:
أ‌-        أدلة إجمالية، وقواعد كلية، (أي: عامة، وغيرمعينة، كمطلق الامرللوجوب، والنهي للتحريم، وسنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حجة، ونحو ذلك كالاجماع، والقياس، والاستصحاب، وسد الذرائع، والاستحسان، والمصلحة المرسلة).
هذا، واتماما للفائدة، نشير الى ان تلك الادلة الاجمالية، وهاتيك القواعد الكلية، انما استنسخت من ممارسة الفقهاء المجتهدين، لمسالك الاجتهاد في استنباط الاحكام من ادلتها التفصيلية ـ الاتي ذكرها، قريبا، ان شاء الله ـ  ومن ثم قيل: (علم اصول الفقه، علم بقواعد الاستنباط الكلية )، الذي كان ـ كما يقول، في المقدمة، العلامة ابن خلدون ـ رحمه الله، تعالى ـ: (اول من كتب فيه، الامام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ املى فيه رسالته الشهيرة)، ( الرسالة).

 الدليــــــــــــل

وأما الدليل لغة: فهو الدال، وهو المرشد، والهادي الى أي شئ، ويطلق على ما يستدل به، وعلى كل مافيه دلالة، وارشاد.

وهو في الاصطلاح الفقهي: ما يمكن التوصل بصحيح النظرفيه الى حكم شرعي، عملي، على سبيل القطع، اوالظن.

واما عن ادلة اصول الفقه المتفق عليها، فهي: الكتاب، والسنة، والاجماع، والقياس، والمختلف فيها، سبعة، هي على مقتضى مذهبنا المالكي: قول الصحابي، وعمل اهل المدينة، والاستحسان، والاستصحاب، والمصلحة المرسلة، وسد الذرائع، والعرف.


ب (أدلة تفصيلية، فهي: ( تلك الآيات، وأحاديث الأحكام، وما يتفرع عنهما من مختلف الأقيسة، وضروب الاجماعات، كقوله ـ تعالى- : {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً{103} ـ النساء، وقوله – تعالى-:{ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً{32} ـ الاسراء، وكصلاته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الكعبة، فيما اخرجه البخاري، والاجماع على ان لبنت الابن السدس، مع بنت الصلب، حيث لاعاصب لهما، وقياس الارز، على البر، لامتناع بيع بعضه الا مثلا بمثل، يدا بيد، كما رواه مسلم، واستصحاب الطهارة لمن شك في بقائها). 

الأحد، 21 فبراير 2016

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

من خصائص الخطبة الجمعية
على المذهب المالكي

الخاصية الثانيـــــة
أنها واجبـــــة: ووجوبها خصيصة انفردت بها دون سائر الخطب إطلاقا, ومنهـــــا الخطب الدينية كخطبتي العيدين والإستسقاء وغيرهما.
وكونها واجبة، أي أنها واجبة وجوب الفرائض, إذ لا تصح صلاة الجمعة إلا بعدها, لأمره تعالى بالسعي إليها وحضورها, حيث قال جل من قائل: {يا أيها الذين آمنوا إذا نــــــــودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} وذكر الله كما مر، فسر بالخطبة، والآية كما يقول القرافي:" دلت على وجوب الخطبة" وقال الفاكهاني:"لا خلاف بين الأئمة فــــــــــي وجوب الخطبة" وهي عندنا شرط في صحة الجمعة.
وإنها لكذلك واجبة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم , حيث لم ينقل عنه أنه صلى الله عليه وسلم صلى الجمعة بغير خطبة, فعن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ فيما رواه الإمام مسلم, قال: كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خطبتان يجلــــس بينهما, يقرأ القرآن ويذكر الناس"
يقول الإمام النووي في هذا الحديث الشريف: " فيه أن الجمعة لا تصح إلا بخطبتين, قــــال القاضي: ذهب عامة العلماء إلى اشتراط الخطبتين لصحة الجمعة"
وعلى هذا جرى عمل الخلفاء من بعده ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعمل التابعين،  وأتباعهم, وأجمعت الأمة على ذلك.
وبناء على هذا, فانه لو صليت الجمعة بغير خطبة, كانت الصلاة باطلة ووجبت إعادتها بعد خطبة أن اتسع الوقت, وإلا صليت ظهرا فرادى آخر الوقت المختار.
وأما إن صليت الجمعة قبل الخطبة - لجهل الإمام ـ مثلا - ثم خطب, أعيدت الصلاة فقط , على ما قال الإمام مالك في المدونة, وهو مقتضى الآية الكريمة: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرضِ} فالفــــاء للترتيب والتعقيب, وهو- أيضا - مقتضى فعله عليه الصلاة والسلام, وفعل الخلفاء والتابعين رضي الله عنهم أجمعين.
  هذا, وأقل الخطبة, ما يسمى خطبة عند العرب, وقيل: أقلها حمد الله تعالى، والصلاة على سيدنا ـ محمد صلى الله عليه وسلم ـ وتحذير، وتبشير، وقرآن في الخطبة الأولى, واستحب في مذهبنا أن يختم الخطبة الثانية بـــ:" يغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين". وهذا هو الأصـوب عند ابن القاسم.
... والله اعلم... يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ ... والحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على سيدي، وقائدي، وقرةعيني، وشفيعي، محمد رسول الله، وعلى آله، واصحابه، ومن والاه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ