الاثنين، 10 يوليو 2017

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

من خصائص الخطبة الجمعية
على المذهب المالكي

الخـاصية الثامنــــة

أنها يستحب اتخاذ المنبر لها: والمنبر مشتق من النبر الذي هو الإرتفـاع, وسمي المنبر منبرا لارتفاعه.
ومن خصائص الخطبة الجمعية, أن يخطب الإمام على منبر اقتداء برســـــول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ روى البخاري في صحيحه عن جابر بن عبدلله, قال: " كان جذع يقوم إليه النبي صلى الله عليه وسلم, فلما وضع له المنبر سمعنا للجذع مثل أصوات العشار حتى نزل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوضع عليه يده"
وعنه ـ أيضا ـ رضي الله عنه: " أن امرأة قالت: يا رسول الله, ألا أجعل لك شيئا تقعد عليــــــه؟ فإن لي غلاما نجارا, قال:" إن شئت" فعملت المنبر"
ولمسلم عن عبد الله بن عمر عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال وهو قائم على المنبر:" من جاء منكم الجمعة فليغتسل"
وله عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة, أنهما سمعا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول على أعواد منبره: " لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين" ـ والشاهد على أعواد منبره -
يقول الإمام النووي في قوله: " وهو قائم على المنبر" وفي قوله:" يقول على أعواد منبره": فيه استحباب المنبر للخطبة, وهو سنة مجمع عليها, فإن تعذر فليكن على موضع عال ليبلغ صوته جميعهم, ولينفرد فيكون أوقع في النفوس"
وروى النسائي بسنده عن ابنة حارثة بن النعمان أنها قالت:" حفظت " ق   والقــــــرآن المجيد" من في رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو على المنبر يوم الجمعة"
    وقال ابن قيم الجوزية, في زاد المعاد: "وكان منبره ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثلاث درجات " 
وهو عند الفقهاء, مستحب للخلفاء, وجائز لغيرهم, وأما المستحب في حق من يخطب علـى الأرض أن يقف على يسار المحراب, وقال بعضهم: المستحب وقوفه على يمينه, وكل ذلك واسع كما قال الإمام مالك, وروى ابن القاسم: تخيير من لا يرقاه في قيامه, بيمينه أو شماله, ورجح ابن رشد, يمينه لمن مسك العصا بقرب المحراب, ويساره لتاركها ليضع يده اليمنى على عود المنبر.
هذا وللقاضي- رحمه الله تعالى- في كتابه الشفاء بتعريف حقوق المصطفى, حديث شيق عن منبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رغبت في إيراده هنا, تعميما للفائدة, حيث قال: قال جابر بن عبدالله: " كان المسجد مسقوفا على جذوع النخل, فكان النبي صلى الله عليه وسلم, إذا خطب يقوم إلى جذع منها, فلما صنع له المنبر, سمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت العشار" وفي رواية أنس: " حتى ارتج المسجد بخواره" وفي رواية سهل: " وكثر بكاء الناس لما رأوا به " وفي رواية المطلب: " حتى تصدع وانشق, حتى جاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوضع يده عليه فسكت" زاد غيره: " فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " إن  هذا بكى لما فقد من الذكر" وزاد غيره: " والذي نفسي بيده, لو لم ألتزمه لم يزل هكذا إلى يوم القيامة, تحزنا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " فأمر به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فدفن تحت المنبر" وفي بعض الروايات, عن سهل: " فدفنت تحت منبره أو جعلت في السقف" وفي حديث أبي: " فكان إذا صلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى إليه, فلما, فلما هدم المسجد, أخذه أبي, فكان عنده إلى أن أكلته الأرض وعاد رفاتا"
وذكر الاسفراييني, أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعاه إلى نفسه فجاء يخرق الأرض, فالتزمه ثم أمره فعاد إلى مكانه" وفي حديث بريدة: " فقال- يعني النبي ـ صلى الله عليه وسلم- " إن شئت أردك إلى الحائط الذي كنت فيه , تنبت لك عروقك ويكمل خلقك ويجدد لك خوص وثمرة, وإن شئت أغرسك في الجنة فيأكل أولياء الله من ثمرك " ثم أصغى له النبي ـ صلى الله عليه وسلم- يسمع ما يقول, فقال: " تغرسني في الجنة فيأكل مني أولياء الله وأكون في مكان لا أبلى فيه " فسمعه من يليه " فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: " قـد فعلت" ثم قال: " اختار دار البقاء على دار الفناء"
قال القاضي: " فكان الحسن البصري إذا حدث بهذا بكى وقال: " يا عباد الله, الخشبة تحن إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ شوقا إليه لمكانه, فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه.
وأخيرا, ها أنا أتعجب- بعد كل هذا- من قول ابن خلدون في المقدمة, بالصفحة 651 مـن الجزء الثاني: " أن عمرو بن العاص أول من اتخذ المنبر لما بنى جامعه بمصر" فإن قصد بذلك, أول منبر بمصر فلا إشكال, وإن عنى غير ذلك, ففي قوله نظر.
... يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ ... والحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على سيدي، وقائدي، وقرةعيني، وشفيعي، محمد رسول الله، وعلى آله، واصحابه، ومن والاه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الثلاثاء، 18 أبريل 2017

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

من خصائص الخطبة الجمعية
على المذهب المالكي

الخاصية الســـــــابعة 

أنه يسن الجلوس وسطها: وذلك لما رواه الإمام البخاري في صحيحه بسند عن عبد الله بن عمر، قال: " كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يخطب خطبتين يقعد بينهما "
وعن جابر بن سمرة ـ رضي الله عنه ـ فيما رواه الإمام مسلم في صحيحه, قال: كانت للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطبتان يجلس بينهما, يقرأ القرآن ويذكر الناس"
    وفي موطإ الإمام مالك, عن جعفر بن محمد عن أبيه: أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خطب خطبتين يوم الجمعة, وجلس بينهما "
وقال الإمام سحنون في المدونة الكبرى, قال مالك: " الخطب كلها خطبة الإمام في الإستسقاء، والعيدين، ويوم عرفه، والجمعة, يجلس فيما بينها, يفصل فيما بين الخطبتين "
والجلوس بين الخطبتين, كما قال ابن القاسم, " قدرالجلوس بين السجدتين "
والمشهورفي مذهبنا, أنه سنة مؤكدة استمر العمل بها في جميع الأمصار والأعصار منذ زمانه ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى زماننا هذا، خلافا لمن قال بفرضيته.
وبناء على القول بسنيته, فإنه إذا لم يجلس الخطيب بين الخطبتين أمر بذلك, فإن استرسل في خطبته حتى فرغ بطلت الصلاة.
وفي هذا يقول الشيخ محمد بن أحمد ميارة المالكي, في الدر الثمين، والمورد المعين:" وقـد نزلت منذ مدة بجامع القرويين, وذلك أن الخطيب شرع بعد قوله: أيها الناس, أثناء الخطبة الأولى على العادة في الحض على طاعة الأمير, فذهل وتلا الدعاء الذي جرت العادة بكونه في آخر الثانية, ثم نزل وصلى, فأعدتها ظهرا أربعا, وأفتيت من استفتاني بالبطلان ووجوب الإعادة أبدا بناء على المشهور كما مـر،وهو لم يأت بسوى الأولى, والله أعلم "
... يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ ... والحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على سيدي، وقائدي، وقرةعيني، وشفيعي، محمد رسول الله، وعلى آله، واصحابه، ومن والاه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ