الجمعة، 27 مارس 2015

العلامات التي تتقرربها الاحكام الشرعي

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

العلامات التي تتقرربها الاحكام الشرعية

متن ابن عاشر

تأليف، العلامة: عبد الواحد بن عاشر

                                               تحيقيق، الشيخ: محمد الشاذلي النيفري

واذا كان ذلك كذلك، كان ولابد من ان تتشوق النفس الى معرفة كل علامة من هذه العلامات التي نصبها الشارع ـ سبحانه ـ على هاتيك الاحكام،  لتقرير الحكم وايجاده، حيث قال محمد عبد الواحد بن عاشرـ رحمه الله ـ تعالى ـ:

.................. أو بوضـــــع
لسبب، أو شرط ، أو ذي منع

المختص المفيد من الدر الثميــــن

تأليف:الشيخ، محمد بن احمد ميارة، المالكي

اقتباس، وتحقيق: الشيخ، الهادي الغربي
قال الشيخ: محمد بن احمد ميارة:
 قوله: (أوبوضع لسبب) معطوف على بطلب.
 والسبب: ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته، كزوال الشمس لوجوب الظهر مثلا.
 قال في شرح المقدمات:[...] وقوله لذاته، يدخل السبب الذى لم يلزم من وجوده الوجود، لمقارنته انتفاء شرط، كالعقل، والبلوغ، أووجود مانع، لوجود السبب كالحيض، الذي يقارن دخول الوقت ونحوه، فإن السبب في ذاته يقتضى وجود المسبب، وإنما انتفى المسبب لما عرض له من وجود المانع، أونفى الشرط.
 ويدخل أيضا هذا القيد، السبب الذى لم يلزم من عدمه العدم، لمقارنة عدمه وجود سبب آخر، كوجود البول المقارن لعدم الغائط الذى هو أحد أسباب الطهارة.
قوله: [أوشرط] معطوف على سبب.
 والشرط: ما يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجود وجود ولا عدم لذاته، كتمام الحول لوجوب الزكاة.
 قال فى شرح المقدمات: (الشرط فى اللغة، هو العلامة، ومنه أشراط الساعة، أى: علامتها، وأما فى الاصطلاح، فمعناه ما ذكر.
وهو ينقسم إلى شرط عقلى، وشرط عادي، وشرط شرعي.
 مثال الشرط العقلي: الحياة للإدراك، فانه يلزم من عدم الحياة عدم الإدراك، ولا يلزم من وجود الحياة وجود الإدراك ولا عدمه، لأنه قد توجد الحياة ويكون معها غيبة بنوم، أوإغماء، أوجنون، حتى لا يدرك الحي مع هذه الآفات شيئاً أصلا.
 ومثال الشرط العادي: النطفة في الرحم للولادة، فإنه يلزم من نفى النطفة في الرحم نفي الولادة، ولا يلزم من وجود النطفة في الرحم ولادة ولا عدمها، لأنها بعد أن توجد في الرحم، قد يكون الله ـ تعالى ـ منها ولادة، وقد لا يكون.
 مثال الشرط الشرعي: الطهارة لصحة الصلاة، وتمام الحول لوجوب الزكاة في العين، والماشية مثلا، فإنه يلزم من نفي الطهارة مع القدرة على تحصيلها عدم صحة الصلاة، ولا يلزم من حصول الطهارة صحة الصلاة ولا عدمها، لإمكان فسادها بعد حصول الطهارة باختلال ركن من أركانها، ونحو ذلك، وكذا يلزم من عدم تمام الحول عدم وجوب الزكاة في العين، والماشية، ولا يلزم من حصول تمام الحول وجوب الزكاة فيهما، لتوقفه على سبب، وهو ملك النصاب ملكا كاملا، وزيادة مجيء الساعي في الماشية، إن جرت العادة بمجيئه، ونفي مانع الدين في العين، دون الماشية، ونفي مانع الرق، والكفر، فيهما.)
 وقولنا: (لذاته) راجع للجملة الأخيرة، وهو قولنا: ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم، لأن وجود الشرط هو الذي قد يتفق فيه أن يصحبه وجود مانع، فيلزم عدم المشروط حينئذ، لكن لا بالنظر إلى ذات الشرط، بل بالنظر إلى ذات المانع، وقد يصحب وجوده وجود السبب، ونفي المانع، فيلزم حينئذ من وجوده وجود المشروط، كما لو صحب تمام الحول وجود السبب، وهو ملك النصاب ملكا كاملا، ونفي المانع الذي هو الدين فيلزم وجوب الزكاة، لكن لم تجب بالنظر إلى ذات الشرط الذي هو تمام الحول وإنما وجبت بسبب ما قارنه من وجود سبب الزكاة، ونفي مانعها، ولو صحب تمام الحول وجود المانع الذي هو الدين مثلا، لزم معه عدم الزكاة، لكن ليس بالنظر إليه لزم عدمها، بل بالنظر إلى المانع الذي هو الدين.
[...] قوله: (أو ذي منع) معطوف على لسبب، صفة لمحذوف أي: أو بوضع لأمر ذي منع، أي: مانع.
 والمانع: ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته، كالحيض لوجوب الصلاة.
 قال في شرح المقدمات: (المانع من الشيء على ضربين، أحدهما: أن يمنع منه لمنافاته للسبب، الثاني أن يمنع منه لمنافاته له في نفسه.
 مثال الأول: الدين في زكاة العين، فإنه يمنع من وجوبها لسببها الذي هو الملك الكامل للنصاب، ومثله الرق، فإن كل واحد من الدين، والرق، مانع من كمال التصرف في المال، فلم يثبت معهما الغني بذلك المال الذي هو حكمة وجوب الزكاة فيه، كما قال عليه الصلاة والسلام: «خذها من أغنيائهم وردها على فقرائهم».
 ومثال الثاني: الكفر مثلا، بالنسبة إلى صحة الصلاة، فإنه مانع من صحتها، لا لمنافاته لسببها من دخول وقتها، بل لمنافاته لها في نفسها، إذ لايمكن مع الكفر التقرب بها إلى المولى ـ تبارك، وتعالى ـ وهذا معنى قول الأصوليين: المانع ينقسم إلى مانع السبب، وإلى مانع الحكم).
 وقولنا أيضا في حد المانع: (لذاته) راجع إلى الجملة الأخيرة، وهي قولنا: ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته، لأن عدم المانع هو الذي يتفق أن يصحبه وجود السبب، والشرط، فيلزم حينئذ من عدمه الوجود، ولكن ليس ذات عدمه هي التي اقتضت الوجود، بل الذي اقتضاه إجتماع السبب مع الشرط، عند عدم ذلك المانع، وقد يصحب عدم المانع عدم السبب، أو عدم الشرط، فيلزم حينئذ العدم، لكن ليس لذات عدم المانع، بل لمصاحبة عدم السبب، أو عدم الشرط.
[...] (تنبيه) تقدم أن خطاب الوضع هو نصب الشارع أمارة من سبب، أو شرط، أو مانع، على الطلب بأقسامه الأربعة، وعلى الإباحة، وعليه فلكل واحد من الأحكام الخمسة سبب وشرط ومانع قال بعضهم ممثلا للأقسام فالواجب كالظهر، فالسبب زوال الشمس، والشرط العقل، والبلوغ، والمانع الحيض، والإغماء، والمندوب كالنافلة، فالسبب لها دخول الوقت، وشرطها العقل، والمانع عدم الوقت، والمحرم، كأكل الميتة، فالسبب موتها حتف أنفها، والشرط عدم الضرورة، والمانع وجود الضرورة، والمكروه كصيد اللهو، فالسبب اللهو، والشرط عدم الضرورة، والمانع وجود الضرورة، والمباح كالنكاح، فالسبب له، العقد، والشرط خلو العقد من الموانع، والمانع النكاح في العدة مثلا اهـ...والله اعلم.
يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ [المؤنس المعين] ـ والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحابته، ومن والاه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق