الخميس، 13 ديسمبر 2012


بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
فقه الحيض والنفاس على المذهب المالكي


سادس موانع الحيض والنّفاس


الطواف بالكعبة المشرّفة


      وممّا يمنع بالحيض، أو النفاس، الطواف بالكعبة المشرفة، ركنا كان الطواف، أو واجبا، نذرا كان، أو تطوعا، إذ الطهارة في مذهبنا، شرط في صحة الطواف، والحائض أو النفساء، غير طاهرة، فضلا عن منعها من دخول المساجد، ومن باب أولى المسجد الحرام، حيث الكعبة المطهرة.

      إلا أنه، قد يطرأ الحيض، أو النفاس، على الحاجة، أو المعتمرة، فتؤدي جميع مناسكها، ثم تجلس تنتظر طهرها لتطوف طواف الركن، وهي المرأة المرتبطة برفقة لا يمكنها الانفكاك عنها، بحال من الأحوال، أو بموعد سفر يعرضها التأخـر عنه، إلى التهلكة، أو الضرر، وحينئـذ، جاز لها أن تطوف، وتفدي ببدنة، كما هو ظاهر مذهب الإمام أبي حنيفة، وأصحابه، والإمام أحمد في أصح الروايتين عنه، وقيل: لا فدية عليها لسقوط الطهارة عنها بالعجز، وذلك قياسا على الطهارة للصلاة، وهذا أصح الأقوال كما قال بعض العلماء، والحمد لله على نعمة الإسلام، بيد أنه ينبغي على الحائض، أو النّفساء، أن تلبس ما تحفظ به المسجد من التلوث، وتزكيه عمّا لا يليق به.

      هذا، ولابن القيم الجوزية، في أعـلام المـوقعين ما يبعث على الطمأنينة، إذ قال رحمه الله تعالى:

" ان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ منع الحائض من الطواف بالبيت حتى تطهر، وقال :"اصنعي ما يصنع الحاج غير ان لا تطوفي بالبيت" فظن من ظن، ان هذا حكم عام في جميع الأحوال والأزمان، ولم يفرّق بين حال القدرة والعجز، ولا بين زمن إمكان الاحتباس لها حتى تطهر، وتطوف، وبين الزمن الذي لا يمكن فيه ذلك، وتمسك بظاهر النص، ورأى منافاة الحيض للطواف، كمنافاته للصلاة، والصيام، إذ نهي الحائض عن الجميع سواء، ومنافاة الحيض، لعبادة الطواف، كمنافاته لعبادة الصلاة، و نازعهم في ذلك فريقان:

أحدهما: صحح الطواف مع الحيض، ولم يجعلوا الحيض مانعا من صحته، بل جعلوا الطهارة واجبة تجبر بالدم، ويصح الطواف بدونها، كما يقول أبو حنيفة، وأصحابه، واحمد في إحدى الروايتين عنه، وهي  أصحهما، وهؤلاء لم يجعلوا ارتباط الطهارة بالطواف كارتباطها بالصلاة، ارتباط الشرط بالمشروط، بل جعلوها واجبة من واجباته، وارتباطها به، كارتباط واجبات الحج به، يصح فعله مع الإخلال بها، ويجبرها الدم، وهو البدنة ههنا.

والفريق الثاني: جعلـوا وجـوب الطهـارة للطواف واشتراطها بمنزلة وجوب السترة واشتراطها، بل بمنزلة سائر شروط الصلاة وواجباتها، التي تجب وتشترط مع القدرة وتسقط مع العجز، قالوا: "وليس اشتراط الطهارة للطواف، أو وجوبها له بأعظم من اشتراطها للصلاة، فإذا سقطت بالعجز عنها، فسقوطها في الطواف بالعجز عنها، أولى وأحرى".


والله اعلم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى وآله، وصحبه، ومن والاه.        
...يتبع، ـ ان شاء الله تعالى ـ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق