الاثنين، 5 يوليو 2010

مؤانسات وعظية، المجلس الأول: الرحمــة



بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

الهـــــي ..

يا غافرالذنب يا من يستعاذ به

في زحمة الشرأو في ساحة الخطر

يا قابل التوب و الأوزار مرهقة

أنت الرحيم بعبد ساقه الغــــــــرر

يدعوك معترفا، يرجوك مبتئسا

ينساك مضطربا إن مسه الضـرر

ارحم تضرع نفس كلها ثقة

بالخالق البر إذ يعنو له البشـــــر

ـ شعر: محمدعلي الخليفي

ـــ الرحمة في القرءان الكريم:

إن الناظر في القرءان الكريم، قد لا يغيب عنه ذكر الرحمة بجميع صورها و تصاريفها، ووجوها، أكثر من خمسمائة مرة، تقريبا، حيث وردت بمعنى :

( الإسلام ـ الجنة ـ المطرـ النبوة ـ النعمة ـ القرءان ـ الرزق ـ النصرـ العافية ـ المودة ـ الإيمان)...ثم هاهي بأول آيات المصحف الشريف، (بسم الله الرحمان الرحيم )... بل وإنها مفتاح كل سورة من سور القرءان الكريم، عدا سورة التوبة التي نزلت لترفع الرحمة والأمان عن المشركين، وقتالهم، إذ قال ـ سبحانه ـ : (وَأَذَانٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ )التوبة3.... ولكي تكون البسملة ـ والله اعلم ـ بعدد سور القرءان الكريم، ولحكمة لا يعلم مرادها إلا الحق ـ سبحانه ـ ذكرت البسملة في سورة النمل مرتين، ـ الأولى : في افتتاحها ـ وأما الثانية ففي الآية الثلاثين، حيث قال ـ تعالى ـ : (قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ{29} إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

ثم ماذا بعد ذلك...ها نحن نقرأ : (الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{2} الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ)سبع عشرة مرة في صلواتنا المفروضة، فضلا عن السنن، والرواتب، والأوراد....إلى ما شاء الله ـ تعالى ـ ...

ولقد سألت نفسي ذات مرة، عن الحكمة من اقتران صفتي : الرحمان ـ والرحيم، بالاسم الأعظم ( الله ) دون غيرهما من صفاته العديدة ـ جل شأنه ـ فتراءى لي ـ والله اعلم ـ إنما ذلك، إشعار بالأنس بالله ـ الرحمان، الرحيم ـ و الاطمئنان، والسكينة، والأمل، وسعة رحمته ـ سبحانه ـ وقربها من العبد...بل، (ولأن الرحمة أمر تتطلبه الدنيا لما تستوجبه كثرة الذنوب والمعاصي)...وما علينا لو وقفنا قليلا، نتأمل، وبهدوء، فيما اقترفه الإنسان من خطايا، وجرائم، في حق الله ـ تعالى- منذ آدم ـ عليه السلام ـ ...فهل يا ترى جوزي عما فعل؟...لا أبدا... و ما ذلك إلا لأن رحمة الله ـ تعالى ـ وسعت كل شيء...ولكن، ليس معنى هذا، أن الله ـ سبحانه ـ عاجز عن عقابهم ...وإنما هو المنهج الرباني القويم ... يمهل ولا يهمل ...وإنه إذا أخذ المجرم أخذه أخذ عزيز مقتدر... لم يفلته ...

ــــ رحمة الله ـ تعالى ـ خزائن:

قال ـ تبارك وتعالى ـ (قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَآئِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَّأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنفَاقِ وَكَانَ الإنسَانُ قَتُوراً) ـ الإسراء:100

وقال ـ سبحانه ـ (أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ ) ـ ص9

ــــ رحمة الله ـ عز وجل ـ واسعة:

قال ـ جل ثناؤه ـ: (فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) ـ الأنعام 148

وقال ـ عز من قائل ـ:( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ) ـ غافر:8

ـــــ أجزاء رحمته ـ سبحانه ـ :

قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ:(جعل الله الرحمة مائة جزء.....)الحديث..... وفي رواية :( إن الله خلق يوم خلق السموات والأرض، مائة رحمة ......) الحديث/ صحيح مسلم

ـــــ سعة كل جزء:

يقول ـ عليه الصلاة والسلام ـ:(ان الله خلق يوم خلق السموات والأرض، مائة رحمة كل رحمة طباق مابين السماء إلى الأرض ...) الحديث/ المصدر أعلاه

ـــــ نصيب أهل الأرض من الرحمة:

يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( إن لله مائة رحمة انزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام...) الحديث / متفق عليه

ــــ نصيب يوم القيامة من الرحمة :

وأما عن نصيب الخلق يوم القيامة من رحمته ـ سبحانه ـ فتسع وتسعون رحمة، كما أخبر بذلك الصادق الأمين ـ صلى الله عليه وسلم- حين قال: ( إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فيها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها، أخر الله ـ تعالى ـ تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة )ـ متفق عليه

ــــ رب رحيم :

ولما جاء أناس إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقالوا : إنا أصبنا ذنوبا عظاما، لم يرد عليهم بشيء، فنزل قوله ـ تعالى ـ: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ{49} وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ{50}) ـ الحجر

وقال ـ سبحانه ـ في مقام آخر : (وَإِذَا جَاءكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوءاً بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{54} وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ{55} ـ الأنعام

ـــ الله ـ سبحانه ـ ارحم من الأم :

حدثوا أن سبيا قدم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالمدينة المنورة، فإذا امرأة منهم قد تحلب ثدييها، إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته، فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه: ـ (أترون هذه طارحة ولدها في النار. )..؟قالوا : لا، وهي تقدر ألا تطرحه، فقال ـ عليه السلام ـ : ( الله ارحم بعباده من هذه بولدها ) ـ نقلا من كتاب : بنات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ للدكتورة، بنت الشاطئ ص : 24

ـــ لو خلقتموهم لرحمتموهم:

قالت السماء :إئذن لي يا رب، أسقط على بني آدم، لقد طعموا ولم يشكروا، وقالت الأرض : إئذن لي يارب، أخسف على بني آدم، لقد طعموا ولم يشكروا، وقالت الجبال : إئذن لي يارب، أسقط على بني آدم، لقد طعموا ولم يشكروا، قال الرب ـ سبحانه ـ : ( لو خلقتموهم لرحمتموهم) ـ عن المرحوم، الشيخ محمد متولي الشعراوي

.....فهل من مشمر للفوز برحمة الله، الرحمان الرحيم، و شهر الرحمة إلى ديارنا يغض المسير.

حقا و أيم الله ..لولا رحمة الله ـ تعالى لزلزلت الأرض زلزالها...وأخرجت الأرض أثقالها ...و لكورت الشمس في سمائها..و لما بقيت المياه في بحارها...و لأطلقت الرياح أعاصيرها... لولا رحمة الله ـ تعالى ـ لما أرضعت والدة ولدها ... ولما احتضنت الطيور بيضها........

ويوم القيامة ـ كما جاء في الخبر،ما معناه : ـ ينادي الله ـ تعالى ـ : ( يا جبريل، إني أرى فلانا بن فلان في صفوف أهل النار ) فيقول جبريل ـ عليه السلام ـ : ( يا ربنا، ما وجدنا له حسنة يعود عليه خيرها اليوم ) فيقول ـ سبحانه ـ ( ولكنني سمعته في دار الدنيا يقول يا حنان..يا منان) فيأخذ جبريل ـ عليه السلام ـ بيده ويدخله في صفوف أهل الجنة )

فسبحانك ربي قطرة من فيض جودك تملأ الأرض ريا ... ونظرة بعين رضاك تجعل الكافر وليا...

ــ هدية المجلس :

( الراحمون يرحمهم الرحمان )... فاللهم ارحمنا فانك بنا راحم، و لا تعذبنا فأنت علينا قادر).( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا )

والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى اله واصحابه ومن والاه.


هناك 5 تعليقات:

  1. بعد قراءتى لمحتوى المدونة فما كان على سوى شكرك على مجهودك و ثبت الله خطاك لما فبه خير للجمبع و مضى نحو الافضل.

    ردحذف
  2. سبحان الله والحمد لله العزيز الرحيم..
    كلام مؤثر جداً
    شكراً جزيلاً وجازاكم الله خيراً وجعلنا الله جميعاً من أهل الجنة، آمين..

    ردحذف
  3. well said sheikh Hedi ou 3am el Hedi, good choice to begin by the part of "arra7ma" mashaallah Allah ywafa9kom

    ردحذف
  4. السلام عليكم
    ما حكم نسيان النية في الوضوء
    ما حكم تذكر النية بطول الوقت و قصر الوقت

    ردحذف
  5. بسم الله الرحمان الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة
    والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وبعد، جوابا عن سؤالكم، اخي العزيز، ـ والله اعلم ـ:أن النية في الوضوء، فرض، لايصح الوضوء الا بها، ومن شروط صحتها ان تكون في ابتداء الوضوء، فان نسيها المتوضىء، بطل وضوءه، ويجب عليه ان ينوي، ويعيد وضوءه من جديد، سواء تذكرها بقرب، اوبعد طول وقت، وكذلك الحكم، لونسيها وتذكرها أثناءالوضوء. والله اعلم، والسلام عليكم ورحمة الله ـ تعالى ـ وبركاته.

    ردحذف