الاثنين، 26 يوليو 2010

مؤانسات وعظية، المجلس الرابع :تحويل القبلة


بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

الهي ...

رضاك أمان ورحمـــة

وقضاؤك عدل وحكمة

اخوة الايمان، رواد مجلسنا الأكارم، مازلت واياكم أتابع الاحداث المميزة، والجليلة التي حدثت في شهرشعبان المبارك ...

وانها ـ لحق ـ أحداث عظيمة، حبلى بالعبر والمعاني، طافحة بالتجليات، والنفحات ...

وها نحن ـ أخوتي في الله ـ مدعوون اليوم لنشخص حدثا جديدا، له في تاريخنا المجيد، أكثرمن معنى... وفيه غيرموعظة ... ودرس...

ولكن...ولكي نشد بطرفي الخيط، عليناأن نصل الماضي بالحاضر... ونتابع الحدث من موقعه... ونستحضرـ معا ـ موقف قريش ازاء معجزتي الاسراء والمعراج، وما كان من أمرصبررسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد انقض عليه كفارمكة، يؤذونه، ويعنفونه بأكثرشراسة، وأشد ضراوة...

ـ عقبة بن ابي معيط ، يخنق الرسول ـ عليه السلام ـ :

فهذا، عقبة بن ابي معيط ـ كما روى عمروبن العاص ـ رضي الله عنه ـ فيما رواه الامام البخاري ـ رحمه الله ـ تعالى ـ قال:(بينما النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يصلي في حجر الكعبة، اذ أقبل عليه عقبة بن أبي معيط، فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبوبكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقال: (أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكــم با لبينات من ربكم ).

ـ فاطمة تزيل القاذورات عن أبيها ـ عليه السلام ـ :

ثم هاهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذات يوم وقد انتحى ناحية بجوار الكعبة المشرفة، يصلي لله ـ تعالى ـ ويناجيه، وفاطمة الزهراء ـ رضي الله عنها ـ واقفة بجانبه، ترمقه بعينيها البريئتين، وترعاه بقلبها الصغير... اذ مرأحد المشركين ... فسخر منه وهو ساجد بين يدي رب العالمين، ثم ألقى على ظهره الشريف قاذورات منتنة، وبقايا ذبائح معفنة، والبنية الصغيرة، فاطمة الزهراء ـ رضي الله عنها ـ تقف مشدوهة، تلتقط احدى صورالظلم التي حفظها التاريخ... وتسجل لدولة الباطل صولة لم تعرف حينها ان عمر الباطل وان طال قصير... وما ان ولى، هذا المشرك المستكبر، حتى تقدمت من أبيها، الرسول، وأزالت عن ظهره الشريف، تلك القاذورات، والأوساخ، وهي تذرف دموع الشفقة والحنان، تبكي كبرياء قريش، ومحاداتها الله ورسوله ... ولما قضى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلاته ، قال لها بلسانالأب العطوف: (لاتبكي ياابنتي، ولسوف يخزيه الله ).

ـ مستلزمات الدعوة :

وماذا عساه أن يفعل ياترى؟ وهو الرسول الذي أمره ربه اذ ناداه قائلا : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ{67}) ـ المائدة

ماذا عساه يفعل؟ وهو الذي قد أقسم في ثقة وايمان: (ياعم، والله لووضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري، على أن أترك هذا الامرحتى يظهره الله، أو أهلك فيه، ماتركته ).

ثم ماذا عساه أن يفعل؟ والكعبة الشريفة باتت وكأنها جزء من كيانه ... بل، وكيف لاتكون كذلك، وهي بيت الله الحرام... وجوهر الدعوة الاسلامية، وعمادها، حيث قال ـ تبارك وتعالى ـ :( ِان أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ{96} فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ{97} آل عمران

أفتراه بعد هذا يتوانى في تبليغ الرسالة ... أويستسلم ...؟ لاأبدا...

ـ الهجرة الى يثرب:

... وانما ظل ـ عليه الصلاة والسلام ـ مرابطا، صابرا... مجاورا للكعبة الشريفة، متعبدا... متبتلا... محتسبا... الى أن جاءه الاذن من ربه الرحمان الرحيم، بالرحيل عن مكة المكرمة، والهجرة الى يثرب... يثرب المدينة التي نورت بهجرته اليها ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعد أن تآمر عليه أشراف قريش، وأسيادها، قادة معسكرالشرك... وحماة هبل، واللات، والعزى...الذين أجمعوا أمرهم على التخلص من صاحب الدعوة، وتصفيته جسديا، وأعدوا خطة شيطانية، من وحي ابليس اللعين، تتمثل في أن يتولى أجلد فرسان شباب القبائل العربية،قتله بضربة واحدة، من أسيافهم البتارة،وعندها يتفرق دمه بين القبائل، وتعجز عشيرته عن المطالبة بدمه، فيرضون بالدية، وينتهي أمرمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويطفأ النورالذي جاءبه...

الا أن الله ـ سبحانه ـ خيب مسعاهم، وفضح أمرهم، وجعل كيدهم في تباب، وأنزل فيهم قرءانا، دائم التلاوة الى يوم القيامة، يقول فيه ـ تبارك وتعالى ـ: ( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ{30}) ـ الأنفال

وامتثل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمرربه... وهجر مكة المكرمة ... مكة المنشأ... والأسرة... والعشيرة...والأصحاب ...مكة الموطن ...والارض، والسماء، والماء، والهواء... مكة حراء، والوحي ...والاسراء ، والمعراج...

ولاأشد ـ أيها الاخوة والأخوات ـ على النفس من فراق الأحبة ...والخلان، ولكن أمرالله ـ تعالى ـ يجب أن ينفذ وان عارض ارادة الانسان وحال بينه وبين رغباته...اذ ليس من الايمان في شئ التمرد على أوامر الله ـ تبارك وتعالى ـ بل ومن الحماقة أن يحاول عبد معاكسة المشيئة الالهية، وهو العاجز عن معاكسة الجاذبية الارضية، وغيرها من السنن الكونية التي تحكم حياته طوعا أوكرها... وفي الحديث القدسي الشريف نلمس في غيرما عناء هذه الحقيقة التي يغفل عنها كثيرمن الناس، اذ قال ـ عز من قائل ـ : (عبدي أنت تريد وأنا أريد فان سلمت لي فيما أريد، كفيتك ما تريد، وان لم تسلم لي فيما أريد أتعبتك فيما تريد ولايكون الا ما أريد) .

ـ الوداع ياأحب البلاد الى الله ـ تعالى ـ :

ورحل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن مكة المكرمة، وفي مقلتيه الشريفتين دموع اللوعة والأسى، وباللسان الصادق الأمين يودعها قائلا:(والله، اني لأخرج منك، واني لأعلم أنك أحب بلاد الله الى الله وأكرمها عليه، ولولا أن أهلك أخرجوني ماخرجت ).

ـ استقبال بيت المقدس :

ثم ماذا بعد هذا ؟ هاهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ يفاجئ بأمرآخر، قد يكون أشد على نفسه، من هجر مكة المكرمة، وكعبتها الشريفة... اذ أوحى اليه ربه ـ تعالى ـ أن ( استقبل في صلاتك بيت المقدس )... حول يامحمد وجهك في الصلاة، الى المسجد الأقصى عوضا عن الكعبة...

ذكرهذا التحول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ والجمهور، حيث قالوا :(أنه قد كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر باستقبال الصخرة من بيت المقدس، فكان بمكة يصلي بين الركنين فتكون بين يديه الكعبة وهو مستقبل صخرة بيت المقدس، فلما هاجر الى المدينة تعذرالجمع بينهما، فأمره الله بالتوجه الى بيت المقدس ).

يا الله... هجرالوطن الحبيب... ثم صرف عن الكعبة الشريفة، واستقبال للمسجد الأقصى...

نعم يارسول الله... ان المعركة بين الكفر والايمان لم تنته بعد... واذن فلابد من امتحان المسلمين... واختباردرجة ثباتهم... بل، وما يدريك لعل الله، العليم، الخبير، يأبى الا أن تؤسس دولة الاسلام العظمى، الا في دارهجرتك يثرب... يثرب الأنصار، والمنعة... يثرب المسجد النبوي الشريف، مركز جمهورية الاسلام العظمى، الذي نبأ به عالم الغيب والشهادة حين قال ـ تعالى ـ :{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِالأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء1، اذ ما بين( من ) الابتداء، و( الى) الانتهاء، أوالأقصى، يقتضي وجود مساجد أخرى، ولما لم يكن هناك مساجد زمن الاسراء، غير المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، تعين حمل الآية الكريمة، على المسجدلاخبارالغيبي عما سيحدث مستقبلا، فكان المسجد النبوي الشريف، الذي أسسه على التقوى، رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم هاجرالى المدينة المنورة... وانها لنعم الهجرة ... هجرة البناء، والاعداد...هجرة الفتح، والفتوحات، والانتصار...

أحباب محمد... ويزداد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حرقة ... وحزنا... وتشتد لوعته... فيقول لجبريل ـ عليه السلام ـ :(وددت أن يصرف الله وجهي عن قبلة اليهود )... فيقول له جبريل ـ عليه السلام ـ :(انما أنا عبد، فادع ربك واسأله )...

واشتد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدعاء ....وظل يدعو ... ويدعو ... ويقلب وجهه في السماء... ويقلب ...

ـ تحويل القبلة :

وبعد ستة عشر شهرا ... أوسبعة عشرشهرا... وفي ليلة النصف من شهر شعبان الخير، من السنة الثانية للهجرة، على أشهر الأقوال ... وكما قيل أن يومها، صادف يوم الثلاثاء، ينزل جبريل ـ عليه الصلاة والسلام ـ ومعه البشرى من الذي وسعت رحمته كل شيئ، وخفيت أسرارحكمه، وأحكامه، عن جميع خلقه، لترفع الهم عن الحبيب محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتشرح صدره الشريف، اذ خاطبه ربه ـ سبحانه ـ قائلا:( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ{144} وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ{145}) ـ البقرة

لااله الاالله

ياصاحب الهم،ان الهم منفرج

ابشر بخير فان الفارج الله

اليأس يقطع أحيانا بصاحبـــه

لاتيأسن فان الكافي الله

اذا بليت،فثق بالله، وارض به

ان الذي يكشف البلوى هوالله

اليأس يقطع أحيانا بصاحبـــــه

لا تجزعن فان الصانع الله

الله يحدث بعد العسر ميسـرة

لا تيأسن فان الفا رج الله

والله مالك غيرالله من أحـــد

فحسبك الله، في كل لك الله

أحباب محمد، وفي تحويل القبلة المبارك، روى الامام البخاري ـ عليه سحائب الرحمة ـ في كتاب التفسير، عن البراء بن عازب، قال: (كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا ، وكان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحب أن يوجه الى الكعبة، ثم قال : فصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ـ رجل، ثم خرج بعد ما صلى، فمرعلى قوم من الأنصارفي صلاة العصريصلون، نحو بيت المقدس، فقال: هويشهد أنه صلى مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه توجه نحو الكعبة ، فتحرف القوم حتى توجهوا نحو الكعبة ).

وجاء في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ :(... فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر، وقد صلوا ركعة، فنادى: ألا ان القبلة قد حولت ، فمالوا كما هم نحو القبلة )

وفي موطأ الامام مالك ـ رحمه الله تعالى ـ عن ابن دينار عن ابن عمرـ رضي الله عنهم ـ قال: (بينما الناس في صلاة الصبح بقباء، اذ جاءهم آت، فقال: ان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد أنزل عليه الليلة، وقد أمرأن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها وكانت وجوههم الى الشام، فاستداروا الى الكعبة)

ـ محامل أحاديث تحويل القبلة:

وبناء على هذا، فان المتأمل في هذه الأحاديث، يرى أن ماقيل: (...من أن تحويل القبلة، حصل والرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صلاة الظهر، في مسجد بني سلمة بقباء، فاستداربعد أن صلى ركعتين من صلاة الظهر، واستدارمن كان معه)، خلاف ماصح في هذا الباب، اذ يقول فضيلة الشيخ ، المرحوم ، محمد الطاهربن عاشور، في تفسيره، التحريروالتنوير:(... ورواه ـ أي حديث الموطأ،السابق الذكرـ أيضا البخاري، ومسلم، من طريق مالك، ومن طريق عبد العزيز بن مسلم، وموسى بن عقبة، وفيه:

**أن نزول آية تحويل القبلة كان قبل صلاة الصبح.

**وأنه لم يكن في أثناء الصلاة .

** وأنه صلى الصبح للكعبة .

وهذا الحديث، هو أصل في هذا الباب، وهو فصل الخطاب)... ( وحمل ذكر صلاة الصبح في روايتي، ابن عمر، وأنس بن مالك، وذكر صلاة العصرفي رواية البراء، كل على أهل مكان مخصوص )...( وهذه الأحاديث الثلاثة هي الصحيحة، وأصحها، حديث الموطأ) ...(وهناك آثارأخرى تخالف هذه لم يصح سندها، ذكرها القرطبي ).

ـ صدى تحويل القبلة وآثاره:

وهكذا، اخوتي في الله ـ تغمرالفرحة قلب كل مسلم، وتهتز لها المدينة المنورة، بهجة، وسرورا، ويموت هنالك غيضا عبدة الطاغوت، وأولياء اللات، والعزى.... وأما هنا، فيعض اليهود، والمنافقون الأنامل حسدا، وحقدا، ويندبون ... ويلطمون ... ويشقون...تأ لما ...وتحسرا ...وحزنا...

وصدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ اذ قال: (انهم لا يحسدوننا على شيئ، كما يحسدوننا على يوم الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها، وعن قولنا خلف الامام آمين ).

- الحقيقة الأزلية :

وتلك هي الحقيقة الأزليه، وان عاند المعاندون، وجادل المضلون، وعمي عنها الغافلون، حيث قال ـ سبحانه ـ :( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{106} أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ{107} أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُواْ رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ{108}) ـ البقرة

وقال ـ تبارك وتعالى ـ في حديثه القدسي الشريف، مخاطبا عباده في شخص نبيه الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (ألم تعلم يا محمد، أن لي ملك السماوات والأرضين، وسلطانهما، أحكم فيهما، وفيما فيهما، بما أشاء،وآمرفيهما وفيما فيهما بما أشاء وأنهى، عما أشاء، وأنسخ، وأبدل، واغيرمن أحكامي التي أحكم بها في عبادي، بما أشاء اذ أشاء، وأقر فيهما ما أشاء).

ولكن السفهاء، والضالين، والمغضوب عليهم، لايتورعون عن القول الاثيم، في الوحي المحمدي، ولايردعهم عن الاعتراض عما جاء به من تشاريع، أويصدهم عن الطعن فيما أتى به من أحكام، رادع من خلق أو دين، حسدا، وحقدا... مكابرة، وعنادا ...

ـ موقع آية،(سيقول السفهاء...)الاية:

هذا، وقد تساءل بعضهم...أوقد يتساءل، عن القبلة التي ورد ذكرها في قوله ـ تعالى ـ :{سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}البقرة142، أهي قبلة بيت المقدس؟...أم هي قبلة الكعبة الشريفة؟...هذا مانسأل الله تعالى ان يوفقنا لاستجلاء الأقرب الى الحق، من تفاسير شيوخنا الاجلاء، في بعض مجالس مؤانساتنا الوعظية ، ان شاء الله ـ تعالى ـ

ـ هدية المجلس، منزلة ليلة نصف شعبان، ويومها:

يقول الشيخ محمود شلتوت ـ رحمه الله ، تعالى ـ في الفتاوى:(لم يرد في تعظيم ليلة النصف من شعبان بخصوصها، ويومها بخصوصه، شيء من صحيح السنة، أوعن أحد من أهل الصدرالأول، وانما الذي صح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحفظت رواياته، وتلقاه أهل العلم والتمحيص، بالقبول، انماهو فقط، شهرشعبان كله، لافرق بين ليلة وليلة، أويوم ويوم، وقد طلب فيه على وجه عام، الاكثار من العبادة، وعمل الخير، وطلب فيه ـ ايضا ـ الاكثار من الصوم، على وجه خاص، تدريبا للنفس على الصوم، واعدادا لاستقبال شهررمضان المعظم، حتى لايفاجأ الناس فيه بتغيرمألوفهم، فيشق عليهم، وقد سئل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (أي الصوم أفضل بعد رمضان ؟) فقال: (شعبان لتعظيم رمضان)، وتعظيم رمضان، انما يكون بحسن استقباله، وعدم التبرم به) ـ انتهى

ولكن... لما كان من الجائز شرعا، اعتماد الأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال، استحب العلماء الانصراف ليلتها الى الصلاة، وتلاوة القرءان الكريم، والدعاء، والضراعة الى الله ـ تبارك وتعالى ـ وكذا صيام يومها، شكرا، واحتسابا، لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه ابن ماجة، بسند ضعيف، عن علي بن ابي طالب ـ كرم الله وجهه ـ ( اذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها، وصوموا نهارها، فان الله ينزل فيها لغروب الشمس الى سماء الدنيا، فيقول، ألا من مستغفر لي، فاغفرله، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى، فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى مطلع الفجر) .

هذا، وفي فضل لية النصف من شهرشعبان، وردت أحاديث كثيرة، قد اختلف في صحتها علماء الحديث، فضعفها الأكثرون، وصحح بعضها ابن حبان في صحيحه، فلتراجع في مضانها.

وأما عن البدع، التي الصقت بهذه الليلة، فجميعها لا أصل له، فالحذر منها واجب، والنهي عنها عبادة، ويكفي فيها قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).

ـ مراجع المجلس :

القرءان الكريم ـ الصحيحان ـ سنن ابن ماجة ـ تفسيرالتحريروالتنوير، لمحمد الطاهربن عاشورـ تفسير الطبري ـ مختصرتفسير ابن كثير، للصابوني ـ تفسير الخازن ـ تفسير أبي السعود، أوارشاد العقل السليم الى مزايا الكتاب الكريم ، تحقيق عبد القادراحمد عطا ـ لباب النقول في اسباب النزول، للسيوطي ـ أسباب النزول، لأبي الحسن علي النيسابوري ـ الناسخ والمنسوخ، لأبي القاسم هبة الله ابن سلامة أبي النصرـ الفتاوى، لمحمود شلتوت ـ الفتاوى الكبرى، لابن تيمية ـ الذخيرة للقرافي ـ بلغة السالك، للصاوي.

فاللهم قنا عذاب النار، واحشرنا صحبة المتقين الأطهار، وانقذ المسجد الأقصى من الدمار، وأعنا على تحرير فلسطين، وأيدنا بنصرك المبين، ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا أوأخطأنا، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، ومن والاه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق