السبت، 11 سبتمبر 2010

معالم على الطريق: نقض غزل رمضان...


بسم الرحمان الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
معالم على الطريق
نقض غزل رمضان...
كثيرون هم الذين يفتح الله ـ تعالى ـ عليهم، ويهيء لهم من أمرهم رشدا، فيتخذون من شهر رمضان المعظم، محطة للاستراحة، والتأمل... ومناسبة لمحاسبة النفس، ومراجعتها... فتراهم يهرعون الى المساجد، سجدا، وقياما، ويتسابقون الى مجالس الذكر، والوعظ، تفقها، واحتسابا...
بل وتراهم يصرون على أن تكون أنفاسهم تسبيحا... وقولهم عبادة... وعملهم صلة، وبرا، طيلة شهر الرحمة، والتوبة، والغفران.
وهي لعمري، توبة، صادقة، وانابة، خالصة، لرب العالمين، تزيد المؤمن ايمانا، وتغمر البيوت بشرا، وبركة... ويتعانق لها المؤمنون والمؤمنات، مسرة، وابتهاجا، وتفتح لها أبواب السماء، ويفرح الله ـ تبارك، وتعالى ـ بها، لما فيها من الندم على ما فات... والاقلاع عما كان ... والعزم على عدم العودة لماض مخجل... وابراء لذمة كانت رهينة لعذاب أليم...
وماذا بعد أن لبوا نداء، التواب، الرحيم، اذ ناداهم ـ سبحانه ـ : ـ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }التحريم8... وقوله ـ سبحانه ـ:(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{135} أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ{136}آل عمران
أما أن يعود بعضهم، بعد هذه التوبة المباركة، عقب شهر رمضان المعظم، لما كانوا عليه من المعاصي، والآثام، ويلقون بأنفسهم وسط عالم القلق، والضياع، ويرضون بالعيش تحت الاضواء الشاحبة... وبين الدروب المعفنة... ويركنون لما تزينه شياطين، الجن، والانس... فذلك نكث للعهد، وتنكرلضيافة الرحمان، التي لبوا دعوتها، حين أبلغهم اياها رسوله الكريم، محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث قال:(أيها الناس، قد أقبل اليكم شهر الله، بالبركة، والرحمة، والمغفرة، وهوشهردعيتم فيه الى ضيافة الرحمان، أنفاسكم فيه تسبيح، وقولكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب، فاسألوا الله ربكم بنيات صادقة، أن يوفقكم لصيامه، وتلاوة كتابه).
واذن، فلا غرو أن ترد عليهم توبتهم، ويرفض عملهم، وتدحض أقوالهم، ذلك بنقضهم غزل رمضان، ونكثهم ماعادوا الله ـ تعالى عليه ـ وفسخهم الصلح الذي أبرموه مع ربهم ـ تبارك وتعالى ـ وهل بعد، أن يقابل الضيف مضيفه بالاساءة، وكرمه بالجحود، ومحبته بالجفاء، الاالعار، والألسنة الحداد، فما بالك والمضيف، رب العالمين ـ جل جلاله ـ وقد أنعم عليهم بغفران الذنوب ومحو الخطايا، كما أخبر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين قال: (اذا تاب العبد، أنسى الله الحفظة ذنوبه، وأنسى ذلك جوارحه، ومعالمه من الارض، حتى يلقى الله وليس عليه شاهد بذنب)... فذالك اجتراء، وكفران، والعياذ بالله، ألا، فطوبى لمن تاب من بعد ظلمه وأصلح، وكان من الصادقين.
ـ من خطب الشيخ، الجمعية، بجامع، ابن الجزار، باردو، تونس، في:30رمضان 1412هـ/1992م
اقتباس، الطالبة: أروى الغربي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق