الخميس، 23 سبتمبر 2010

الحـج: لمحة تاريخية


بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

مسألة فقهية، رقم:6
في فقه الحـج على المذهب المالكي
                  لمحة تاريخية عن الحج
الحج قديما:
الحج عبادة قديمة مقدسة، عرفتها الأمم السابقة للإسلام ، إذ مارسها اليونانيون ، والهنود ، وقدماء المصريين ، وغيرهم ، باعتبارها محطة عقائدية فرضها الدين الذي هم عليه واستوجبتها التقاليد التي توارثوها و نزلوا عند حكمها خوفا و طمعا .
فتراهم يحجون إلى معابد آلهتهم المرسومة على الجدران أو المنحوتة على الخشب
و يشدون الرحال إلى قبور الصالحين و القديسيين و قد ساقوا الهدايا و القرابين
و تفانوا في تعذيب أجسادهم و إرهاقها، تعبدا و تزلفا واسترضاء للآلهة و الشفعاء.
الحج في ملة إبراهيم عليه السلام :
 و لما اكرم الله تعالى سيدنا إبراهيم الخليل صلى الله عليه و سلم و حباه بالحنيفية السمحة أمره

ببناء بيت يجتمع الناس فيه للعبــادة ، و أوحــى له بمكانه الذي كان قبل خلق الزمان و المكان ، فامتثل الخليل لأمر ربه، و مضى يرسي قواعده و يقيم بناءه بمساعدة ولده إسماعيل عليه السلام  كما جاء في قوله تعالى : " و إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت و إسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم " ـ البقرة 128
فكانت الكعبة المشرفة أول بيت أقيم على الأرض بمكة المكرمة ، و كانت هدى للعالمين و مثابة للناس و أمنا وظل الذين علي دين إبراهيم - عليه  السلام -   يقصدونه من كل فج عميق لعبادة الله وحده وليقضوا تفثهم ويؤدوا مناسكهم التي أراها - سبحانه- خليله إبراهيم - عليه الصلاة  السلام -  كما أشار إلى ذلك قوله -  جل شأنه -  (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم) - البقرة 129     
الحج في الجاهلية :  
لكن العرب بعد انتقال سيدنا إبراهيم – عليه السلام - إلى الرفيق الأعلى، وبتباعد الزمان أشركوا مع الله - تعالى - آلهة متعددة .  و أحدثوا في الحج أشياء منكرة ، و ادخلوا فيه ما لم يأذن به الشارع الحكيم فأصبحت الكعبة الشريفة مأوى للأصنام و الأوثان ، و تحولت المناسك إلى مكاء و صفير ودوران للعراة و الراقصين ،
و في ذلك يقول تعالى ـ ( و ما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء و تصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) ـ الأنفال  35ـ
وقال بعض المؤرخين :
" أن العرب جميعهم كانوا في ماضيهم القديم على ملة إبراهيم من التوحيد إلى أن أغواهم الشيطان ، بأن هيأ لهم عمرو بن لحي فأضلهم عن التوحيد و زين لهم عبادة الأصنام التي تلقاها عن البلقان فوزع الأصنام في القبائل و خص كل قبيلة بعبادة صنم".
فالعرب منذ أيامه على هذه الضلالة لم يشذ عنها سوى القليل منهم و هم الحنفاء .
و صدق الله العظيم حين قال في حديثه القدسيّ " كل عبادي خلقت حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم وأمروهم أن يشركوا بي غيري ".
         
الحج في الإســلام:
وبقي العرب على هذه الحالة إلى أن بعث الله فيهم رسولا يتلو عليهم آياته و يعلمهم الكتاب و الحكمة ويزكيهم .
وبالفتح المبارك الذي من به سبحانه على عبده محمد ،  -  صلى الله عليه و سلم-  خلصت العبادة لله وحده ، وطهرت الكعبة الشريفة من الآلهة الباطلة، و عادت للمسجد الحرام قدسيته .
ولم يمض زمن طويل حتى تبرأ الله و رسوله من المشركيــــن إذ انزل يـوم الحج الأكبر قوله تعـــالـــى: " و آذان من الله و رسوله يوم الحج الأكبر أن الله بريء من المشركين ورسوله " - التوبة آية 2-
فأمر - صلى الله عليه وسلم  -  عليّا كرم الله وجهه، أن يلتحق بالذين خرجوا للحج سنة تسعة هجرية بإمرة أبي بكر الصديق  - رضي الله تعالى عنه -  وان يبلغهم " أن لا يقرب البيت بعد العام مشرك وان لا يطوف به عريان ".
و منذ ذلك الحين عاد الحج كما كان على عهد سيدنا إبراهيم-  عليه السلام  - مناسك و منافع ، تواصلا وإخاء محبة و تعاونا -  كما قال تعالى : وأذن في الناس بالحج  يأتوك رجالا  وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها و أطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم و ليفوا نذورهم و ليطوفوا بالبيت العتيق" ـ الحج 28 ـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق