الأربعاء، 23 مارس 2011

زواج الصغيرة،بين الامس واليوم


بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

زواج الصغيرة،بين الامس واليوم


اختي الفاضلة، جوابا عن سؤالك، الوارد علينا، عبرمدونتنا (المشكاة) أقول ـ والله اعلم ـ : انه وان لم يحدد الشرع الاسلامي، سن الزواج، فانه ليس من الحق في شيء ان يتخذ ـ بعضهم ـ من اطاقة النكاح، مبررا لتزويج الصغيرة، ذات الاربع، اوالعشر سنوات...
اذ ليس كل مطيقة متحملة له، اوراغبة فيه، والا لما حط الله ـ تبارك، وتعالى ـ صيام رمضان عن المطيقين صيامه، ولاحط عن السماوات، والارض، والجبال، الامانة التي اشفقن منها، وما شابه ذلك مما فيه حرج، ومشقة، اوفيه امتهان للذات، وقهرللنفس، ولنا في الدعاء القرءاني، ما نستأنس به في مثل هذه القضية، اذ قال تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة286
وبناء على هذا كان الواجب ـ في رأينا ـ على ولي الصغيرة، اووصيها، ان يحط عنها اعباء النكاح، وتبعاته، ويتقي الله ـ تعالى ـ في اهله، ويقسط فيما ولي، اذ ليس كل صغيرة كعائشة ـ رضي الله عنها ـ ولا كل رجل، كمحمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بل وما كان زواجه ـ عليه السلام ـ منها ـ رضي الله عنها ـ لشهوة جنسية، اومتعة جسدية، وانما كان ذلك لحكمة، قد ضرب الغيب دون كشفها حجابا.
واني اذ اعيب، اعيب على اشياخ، اجلاء، يمنحون تأشيرات العبور، لاختراق حرم الصغيرة، المطيقة للنكاح، وتعكيرصفو طفولتها، واغتصاب رقة انوثتها، بتزويجها، من شيخ مسن، أوكهل فارع، وهم الذين قد تعوذوا من زواج صغيرمطيق للنكاح، من عجوز الخمسين، والحال ان كلا الصغيرين، لم يشتد عودهما، ولم يقو ساعدهما، للقيام بواجب القوامة، والرعاية، ثم هاهم يغضون الطرف عمن يعانين العنوسة، ويشتكين لهب الغريزة، ويلعن الترمل المبكر.
هذا، ولنتخيل ـ معا ـ مشهد، كهل، او شيخ، زاده الله ـ تعالى ـ بسطا في الجسم، وقوة في الشهوة، وبين يديه صغيرة مطيقة للنكاح، وهي لا تحتمله، او ترغب فيه، فانك، لترى، لو رأيت، حملا وديعا، بين جائع فلاة، لاتشفى غلته، ولاتسكن سورته، الاوقد باتت الفريسة عند قدميه، عظاما نخرة تلهو بها الرياح، ويلعقها طوافو البرية.
وانى لمثل هذا النكاح ان تستقيم معه الحياة، اويستجيب لامر الله ـ عزوجل ـ اويسقط عن الولي، اوالوصي، الادانة والعقاب، اذ الزواج في الاسلام اسمى من ان يكون شهوة جنسية عابرة، اومتعة جسدية زائلة، اوصفقة تحفظ بها المواريث، والارزاق، وانما هوعبادة تسكن بها الشهوة، ويحصل بها الثواب، ولباس يقي الرجل والمرأة من الوقوع فيما حرم الله ـ سبحانه ـ حيث قال عزمن قائل: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ...} ـ البقرة:187، وهوـ ايضا ـ ذاك الرباط المقدس، والميثاق الغليظ ، الذي قال فيه الحق ـ تبارك وتعالى ـ:{ وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً{20} وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} ـ النساء، وماكان له ان يكون بهذا المقام المقدس، وهذه المنزلة الشريف، لولم يكن احدى آيات الله ـ سبحانه ـ بين خلقه، واثرا من آثار بديع صنعته، والا فليس من الهين اليسير، ان يفضي الذكر للانثى وتفضي له، اوتسكن اليه ويسكن لها، اوان تعمر قلبيهما، الرحمة، والمودة، اذ قال ـ جل جلاله ـ:{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } ـ الروم21
وانها للآيات الفصل، وفصل الخطاب، فيما يجب ان يقوم عليه الزواج في الاسلام، من قواعد، واركان، وتلك هي معجزة السماء، وبلاغة القرءان.
ـــ لباس (تحمى به الفروج، وتحفظ به الانساب، ويتكاثر به النسل الصالح).
ـــ وميثاق، (تكفل بمقتضاه الكرامة، وتؤمن به المعاشرة، وتصان به الحقوق).
ـــ زوجة انثى، من نفس زوج ذكر، وعلى شاكلته، (حب متبادل، وشهوة متماثلة، وسن متقاربة).
ـــ زوجان كلاهما، للآخر سكن (سكونا، تستطاب في رحابه الحياة، وسكينة، تستريح في ظلالها الانفس، وطمأنينة، تنموفي احضانها الاسرة)
ـــ علاقة زوجية، شحنتها، رحمة (تصهر فيها المشاعر، وتلتحم بها القلوب، ومنها تتدفق انوار التواصل بين المحارم، والاصهار)
ـــ واما ما تحفظ به الحقوق، وتصان به الاعراض، وتشمخ به الانوف، فهاتيك الاركان الشرعية، التي لايصح الزواج الا بها، والتي حصرها فقهاء الاسلام في:( الولي ـ والايجاب والقبول ـ والمهرـ والشاهدان ـ والتوثيق).
واذن، فاذا ما افرغ احدهم الزواج، من حكمه الشرعية، ومضامينه الاجتماعية، وضرب بهذه القواعد، والاركان، عرض الحائط، فذاك ـ في رأينا ـ من اخطر معاول هدم الاسرة وتفككها، وعلى فقهاء الامة ان يتصدوا لهذه الظاهرة (ظاهرة، زواج الصغيرة) ويقفوا منها، موقف المجتهد البصير، باحوال سكان الخيمة الالكترونية، وعلاقاتهم الفايسبوكية، وعلى الله ـ تعالى ـ التكلان، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، واصحابه، ومن والاه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق