الاثنين، 15 ديسمبر 2014

مقدمة اصولية، تعريف الحكم الشرعي

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

متن ابن عاشـــــــــــر
تاليف، العلامة: عبد الواحد بن عاشر
تحقيق، الشيخ: محمد الشاذلي النيفر


مقدمة اصولية
تعريف الحكم الشـــــــــرعي
قال عبد الواحد بن عاشرـ رحمه الله ـ:
الحكم في الشرع خطاب ربنا   ........................

المختص المفيد من الدر الثميــــن

تأليف:الشيخ، محمد بن احمد ميارة، المالكي

اقتباس، وتحقيق: الشيخ، الهادي الغربي
قال الشيخ: محمد بن احمد ميارة:
أخبر أن الحكم الشرعي، المستند إلى الشرع، وهو الذي لا يعلم إلا منه، ولا يتوصل إليه بعقل، ولا بعادة، هو: خطاب الله تعالى المقتضى، أى: المتعلق بفعل المكلف، يريد من حيث أنه مكلف. [...]
فقوله الحكم فى الشرع (في) بمعنى الباء كقوله:

ويركب يوم الروع منا فـــــوارس
بصيرون في طعن الأباهر والكلى
أي: بطعن.
أي: الحكم بإثبات أمر لأمر، أونفى أمر عن أمر، بالشرع لا بالعقل، ولا بالعادة، هو: (خطاب ربنا... الخ). [...]
وكون الخطاب هنا، بمعنى المخاطب به اهـ.
وفي نسخه بخط الناظم ـ أيضا ـ : حكم إلهنا، خطابه المفيد فعل المكلف. [...]

قال في شرح المقدمات قوله، في حد الحكم الشرعي: خطاب الله تعالى، كالجنس فى الحد.
وحقيقة الخطاب: الكلام الذى يقصد به من هو أهل للفهم.
واختلف هل من شروط التسمية به، وجود المخاطب ام، لا، وعلى ذلك جرى الخلاف في كلام الله ـ تعالى ـ هل يسمى في الازل خطابا قبل وجود المخاطبين ام، لا.
والمراد بالخطاب، هو المخاطب به، من إطلاق المصدر على اسم المفعول.
وإضافة الخطاب إلى الله ــ تعالى ــ تخرج خطاب غيره، كالملوك، والآباء، والأمهات، والمشايخ، وبالجملة يخرج بهذا القيد، خطاب من سوى الله ــ تعالى ــ من الملائكة، والإنس، والجن، فلا يسمى خطاب هؤلاء كلهم، حكماً شرعياً، وإنما سمى خطاب الرسل بالتكاليف حكما شرعيا، لأنهم مبلغون عن الله ــ تعالى ــ معصومون فى تبليغهم من الكذب عمدا، وسهوا. [...]

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
المؤنس المعين
على المختصرالمفيد من الدرالثمين

تاليف الشيخ: الهادي الغربي
                                            

الحكم في الشرع

(الحكم في الشرع خطاب ربنا)
......................................
المؤنـــس:
قوله : (الحكم...الخ)
الحكم لغة: مصدر حكم، يحكم، جمع أحكام: هو العلم، والفقه، والقضاء، والفصل، ومن ذلك قوله – تعالى-:{قَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{113} ـ البقرة، وقال- تعالى-:{ إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ {22} ـ ص.
وفي الحديث الشريف، في صفة القرءان الكريم:(وهوالذكرالحكيم)، أي: الحاكم لكم، وعليكم.
والعرب تقول، حكمت، وأحكمت، و حكمت ـ بتضعيف الكاف ـ بمعنى منعت، ورددت، ومن ذلك قيل للحاكم بين الناس: حاكم، لأنه يمنع الظالم من الظلم.
والحاكم، جمع حكّام، وحاكمون: القاضي الذي يقضي بين المتخاصمين.

الحكم اصطلاحــــا
الحكم اصطلاحا: وأما الحكم اصطلاحا، فهو: إثبات أمر لأمر، أو نفي أمر عن أمر.
وانه لكذلك، بيد انه تجدرالاشارة، إلى أن من أدرك أمرا من الأمور، ولم يحكم بثبوته لأمر، ولا بنفيه عن أمر، يسمى إدراكه هذا (تصورا)، وذلك كأن يدرك الإنسان أن معنى الحدوث هو الوجود بعد العدم.
وأما إن صاحب هذا التصور لمعنى الأمر المدرك – بفتح الراء - الذي هوالحدوث، إثبات لأمر ما، أو نفي له، سمي هذا النفي، أو الإثبات، للأمر الذي حصل، تصوره، اصطلاحا، (حكما وتصديقا)، وذلك كإثبات أمر الحدوث للعالم – بفتح اللام - الذي هو، ما سوى الله ـ تعالى- ونفي أمر الحدوث، عمن وجب له القدم ـ سبحانه - وتعالى-.

أقسام الحكم من حيث أنه حكم

وأما الحكم من حيث أنه اثرللشيء المترتب عليه، فإنه بالنظر إلى مستنده على ثلاثة أقسام:

القسم الأول، الحكم العقلي: وهو الذي لا يدرك بشرع ولا بعادة، وإنما يدرك بالعقل من غير أن يستند إلى شيء آخر، ولذلك نسب إلى العقل، كقولنا ـ مثلا - في الإثبات: (العشرة زوج)، وكقولنا في النفي: (السبعة ليست بزوج)، إذ في هذين المثالين، كان كل من الإثبات، والنفي، مستندا إلى العقل وحده، وكذلك لو أثبتنا قائلين: (العالم ــ بفتح اللام- حادث)، ونفينا قائلين: ( مولانا ـ تبارك وتعالى- ليس بحادث).

ولخصوصية الحكم العقلي، أشار المرحوم – ابن عاشر- في (مقدمة الاعتقاد)، من نظمه قائلا:

وحكمنــا العقلــي قضية بــــلا
وقف على عادة،أو وضع جلا

القسم الثاني، الحكم العادي: وهو الذي لم يستند النفي فيه أو الإثبات، إلى شرع، أوعقل، وإنما استند في التوصل إليه، إلى التجربة، والتكرار، والاختبار، وذلك، كقولهم في الإثبات: (الحديد يصدأ)، و(الطعام يشبع)، وقولهم في النفي: (الملح لايفسد الطعام)، و( خبز الفطير ليس بسريع الانهضام)، فمثل هذين الحكمين، استندا إلى العادة، والتجربة، ولم يستندا إلى الشرع أو العقل.

هذا، وقد يكون الحكم العادي حكما (قوليـــا) كقولهم: (الفاعل، مرفوع، والمفعول به منصوب)، ونحوذلك من الاحكام اللغوية، والنحوية، اويكون حكما (فعليـــا)، كما جاء في المثالين السابقين.

القسم الثالث، الحكم الشرعي: وهو الحكم الذي لايعلم الا من الشرع، ولايستند في حكم الاثبات، اوالنفي، الا عليه، اذلا رأي للعقل، اوالعادة في تقريره، اثبات، اونفي، وذلك كما هو مقررفي الاثبات، ان (الصلوات الخمس، واجبة)، وفي النفي، ان ( صوم عاشوراء، ليس بواجب)، فالحكم في هذين المثالين، ادرك بالشرع، ولم يدرك بعقل، اوعادة.


تعريف الحكم الشرعي

وبناء على هذا عرف، الناظم - رحمه الله ـ تعالى- الحكم الشرعي، قائلا:

الحكم في الشرع خطاب ربنا
.........................................

فقوله :(الحكم في الشرع...الخ)، أي: أن الحكم الشرعي المستند إلى شرع الله- تبارك، وتعالى- و الذي لا يعلم إلا منه، ولا يتوصل إليه لا بعقل، ولا بعادة، هو: (خطاب الله- تعالى- ، و كلامه الازلي الذي خاطب به المكلفين، سواء وجد المخاطب به، اولم يوجد) ، اذ المراد بالحكم الشرعي، كما نقل الشيخ، محمد بن أحمد ميارة، المالكي- رحمه الله تعالى- عن صاحب المقدمات، قال: ( قلت: المراد بالحكم الشرعي، هنا التعلق التنجيزي لخطاب الله القديم بأفعال المكلفين بعد وجودهم، وتوفر شروط التكليف فيهم، وهذا التعلق ليس بقديم، وإنما القديم، هو كلام الله ـ تعالى- وتعلقه العقلي الصلاحي بالمكلفين في الأزل، وإطلاق الحكم الشرعي على التعلق التنجيزي، بالحادث، مشهور عند الفقهاء، والأصوليين).

 والخطا ب ـ كما جرى به اللسان العربي ـ هو الكلام الذي يقصد به من اهل للفهم.

وقوله: (خطاب ربنا ... الخ)، أي: ليس خطاب غير الله – تبارك وتعالى- .

وهكذا، فانه بهذا القيد (اضافة الخطاب إلى الله – عز، وجل-)، خرج خطاب الملوك، والآباء، والأمهات، والمشائخ، والملائكة، والجن، وما شابه ذلك، فإن كل هؤلاء وأمثالهم، لا يسمى خطابهم حكما شرعيا، ما عدا الأنبياء، والمرسلين، فان خطابهم تصدق عليه التسمية، باعتبارهم مأمورون بالتبليغ عن الله – سبحانه -  ومعصومون عن الكذب، عمدا، أو سهوا.
يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحابته، ومن والاه.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق