الخميس، 11 ديسمبر 2014

مقدمة اصوليــــــة

بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

المؤنس المعين
على المختصرالمفيد من الدرالثمين

مقدمة اصوليــــــــــة


متن ابن عاشر
تحقيق: الشيخ، محمد الشاذلي النيفري


قال ابن عاشر- رحمه الله – تعالى- في نظمه الشهير- المرشد المعين على الضروري من علوم الدين :

(مقدمة من الأصول معينة فى فروعها على الوصول)
المختص المفيد من الدر الثميــــن
تأليف:الشيخ، محمد بن احمد ميارة، المالكي
اقتباس، وتحقيق: الشيخ، الهادي الغربي

قال الشيخ، محمد بن احمد مياره ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه، الدرالثمين، والمورد المعين، شرح المرشد المعين، على الضروري من علوم الدين، لابن عاشرـ رحمه الله تعالى ـ:
[ذكر الناظم في هذه الترجمة، الحكم الشرعي، وأقسامه، وأفاد أن هذه المقدمة مأخوذة من الأصول، أي: من أصول الفقه، وأنها معينة أي: يستعان بمعرفتها في فروع الأصول التي تذكر بعد هذه الترجمة، على الوصول إلى معرفة حقيقة حكم تلك الفروع الآتية، فإذا خاض فيها وقيل له، هذا واجب مثلا، أومندوب، علم من هذه الترجمة حقيقة الواجب، والمندوب، وأن الأول ما طلب طلبا جازما، والثاني ما طلب طلبا غير جازم، وهكذا في المحرم، والمباح، وكفى بذلك إعانة، هذا مقصوده ـ والله أعلم ـ.
فقوله:(مقدمة) خبرمبتدأ محذوف،أي: هذه مقدمة،(ومن الأصول)، صفة لمقدمة تتعلق بمحذوف، أي: مأخوذة، أي، منقولة، ومن الأصول، على حذف مضاف، أي: من فن الأصول، ومعينة، وصف ثان لمقدمة، وبه يتعلق المجروران بعده، وتقدم ضبط لفظ مقدمة في كتاب الاعتقاد.
وأصول الفقه: لفظ مؤلف من جزأين، مفردين، أحدهما: أصول، والآخر الفقه.
فالأصل: ما يبنى عليه غيره، كأصل الجدار، أي: أساسه، وأصل الشجرة، أي: طرفها الثابت في الأرض.
والفرع: ما يبنى على غيره، كفروع الشجرة لأصولها، وفروع الفقه لأصوله.
والفقه، معناه لغة: الفهم.
وشرعا: معرفة الأحكام الشرعية، التي طريقها الاجتهاد، كالعلم بأن النية في الوضوء واجبة، وأن الوتر مندوب، وأن تبييت النية شرط في الصوم، وأن الزكاة واجبة في مال الصبي، وغير واجبة في الحلي المباح، وأن القتل بمثقل موجب القصاص، ونحو ذلك من مسائل الخلاف.
بخلاف ما ليس طريقه الاجتهاد، كالعلم بأن الصلوات الخمس فريضة، وأن الزنا محرم، وكالأحكام الاعتقادية، كالعلم بالله ـ سبحانه ـ وصفاته، ونحو ذلك من المسائل القطعية، فلا يسمى معرفة ذلك فقها، لأن معرفة ذلك يشترك فيها الخاص، والعام.
فالفقه بهذا التعريف، لا يتناول إلا علم المجتهد، ولا يضر في ذلك عدم اختصاص التحبيـس على الفقهاء، بالمجتهدين فقط، لأن المرجع في ذلك للعرف، وهذا اصطلاح خاص.
والمراد بالمعرفة هنا، العلم، بمعنى الظن، وأطلقت المعرفة التي هي بمعنى العلم، على الظن، لأن المراد بذلك، ظن المجتهد الذي لقوته قريب من العلم.
 وخرج بقولهم: (الأحكام الشرعية): الأحكام العقلية، كالعلم بأن الواحد نصف الاثنين، والحسية، كالعلم بأن النار محرقة.
والمراد (بالاحكام) في قولهم: الأحكام الشرعية، جميع الأحكام، فالألف، واللام، للاستغراق.
والمراد بمعرفة جميع الاحكام، التهيؤ لذلك، فلا ينافي ذلك قول الإمام مالك ـ رضي الله تعالى عنه ـ وهو من أعظم الفقهاء المجتهدين، في اثنين وثلاثين مسألة من ثمان وأربعين مسألة، سئل عنها: (لا أدري)، لأنه متهيئ للعلم بأحكامها، بمعاودة النظر.
وإطلاق العلم على مثل هذا التهيؤ، جائز عرفا تقول: فلان يعلم النحو ولا تريد أن جميع مسائله حاضرة عنده على التفصيل، بل إنه متهيئ لذلك، هذا معنى الفقه.
قال ابن شاس: (وأما أصوله: فهي دلائله الإجمالية)، أي: غير المعينة، كمطلق الأمر، والنهى، وفعل، النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والإجماع، والقياس، والاستصحاب، المبحوث عن أولها، بأنه للوجوب حقيقة، والثاني، بأنه للمحرمة كذلك، والبواقي، بأنها حجج، وغير ذلك مما ذكر في الفن.

(وأما الدلائل التفصيلية)، نحو: (أقيموا الصلاة)، و: (ولا تقربوا الزنا)، وصلاته ـ عليه السلام ـ في الكعبة كما أخرجه الشيخان، والإجماع على أن لبنت الابن السدس، مع بنت الصلب، حيث لا عاصب لهما، وقياس الأرز على البر، في امتناع بيع بعضه ببعض، إلا مثلا، بمثل يدا بيد، كما رواه مسلم، واستصحاب الطهارة، لمن شك في بقائها، فليست بأصول الفقه، وإنما يذكرها بعضهم في كتبه، للتمثيل، وقد ظهر مما مر، أن الفقه، هو معرفة الأحكام الشرعية، كالعلم بوجوب النية في الصلاة، وأن الوتر مستحب، ونحو ذلك المستدعي لمعرفة حقائق تلك الأحكام، ووجه ذكر ما ذكره الناظم في هذه الترجمة في فن أصول الفقه.] ...والله اعلم.
يتبع ان شاء الله ـ تعالى ـ والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحابته، ومن والاه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق