الثلاثاء، 30 نوفمبر 2010

سجود السهو: تصنيف الحالات النفسيّة فقهيّا ، الصنف الثالث:


بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
فقه الصلاة على المذهب المالكي
سجود السهو
تصنيف الحالات النفسيّة فقهيّا

الصنف الثالث:
وأمّا الصنف الثالث، للحالات النفسيّة، فهو: الاستنكاح، أو الوسوسة، كما يسميه بعضهم، وهو حالة نفسيّه مرتبطة أساسا بالصنفين المذكورين آنفا، ومتعلقة بهما تعلق الصفة بالموصوف، إذ المستنكح، أو الموسوس، هو ذاك الذي يكثر سهوه، أو شكه، أو ما كان نظيرا لهما أثناء صلاته، أو غيرها من العبادات، فيترك سهوا بعضا من متعلقاتها، أو يشك في الإتيان به.
الكثرة المعتبرة في الاستنكاح:
والكثرة المعتبرة في الاستنكاح، هي أن يعتري المصلي أثناء صلاته، حالة من هاتيك الحالات النفسيّة، مرة في اليوم، أو مرتين، أو تنقطع عنه يوما وتطرأ عليه يوما، أو تأتيه يومين وتنقطع عنه في  اليوم الثالث. وفي هذا، يقول الشيخ الأجهوري:  " إنّ الاستنكاح إذا زامن إتيانه على زمن  عدم إتيانه، أو تساويا، فهو استنكاح، وصاحبه مستنكح"
أقسام الاستنكــاح:
وبناء على هذا قسّم الفقهاء الاستنكاح إلى قسمين:
1/ استنكــاح السهو:
وهو الذي يعتري صاحبه كثيرا، فيسهو ويتيقن أنه سها، وكذا لو غفل، أو نسي أو ذهل، عن شيء من متعلقـــــات الصلاة.
الحكم الفقهي المتعلق بمستنكح السهو:
وحكم مستنكح السهو، هو أنّه إذا كان المسهو عنه فرضا من فرائض الصلاة، كالسجود، أو الركوع، أتى به حين تذكره مباشرة، قبل فوات محل تداركه، فإن فات محل التدارك، ألغى الركعة صاحبة النقص، وأتم صلاته على هيئتها المعهودة، وقد انقلبت ركعاتها ثمّ يأتي بركعة كاملة عوضا عن الركعة المنقوصة، على صفة الركعة الأخيرة من الصلاة التي هو فيها، وفق قاعدة البناء في الأقوال والأفعال، ثمّ بعد الفراغ منها يسلم ولا يطالب بسجود السهو، إطلاقا، رفعا للمشقة عنه، وإن سجد سجدتي السهو فذلك أحب وأطيب للنفس.
وأما إن كان المسهو عنه سنة من سنن الصلاة الموجبة لسجود السهو، كقراءة السورة مثلا، أو الجلوس الوسط للتشهد، فإنه مطالب ـ أيضا ـ بالإتيان بالمسهو عنه، ما لم يفت محل التدارك، وإلاّ بأن فاته التدارك مضى في صلاته، ولا يسجد سجدتي السهو لنقصها، بل وكذا لا يسجدهما، لو زاد، أو نقص وزاد، في آن.  
بخلاف الساهي غير المستنكح، فإنّه مطالب بتطبيق ما جاء في الحكم الفقهي المتعلق بالصنف الأوّل للحالات النفسيّة.
2/ استنكاح الشك:
وأمّا الشك المستنكح ، فهو الذي يعتري المصلي كثيرا، كأن يشك كل يوم ولو مرّة، هل زاد، أو نقص، أولا، وهل صلى ثلاث ركعات أم أربعا، أو هل سجد سجدة واحدة أم اثنتين وهكذا.
 الحكم الفقهي المتعلق بمستنكح الشك:
فحكم هذا الشاك المستنكح، أن يلهي عن شكه، ويعرض عمّا اعتراه وجوبا، وذلك بالبناء على الكمال، ولا يطالب بالإصلاح والتدارك، إلاّ أنّه يستحب له أن يسجد سجدتي السهو بعد السلام من الصلاة، ترغيما للشيطان، وكذا في الحكم الظان المستنكح. والواهم، سواء حصل له ذلك في فرض من فرائض الصلاة، أو في سنة من سننها.
بخلاف الشاك غير المستنكح، فإنّه مطالب بتطبيق ما جاء في الحكم الفقهي المتعلق بالصنف الثاني للحالات النفسيّة.
وجه الفرق بين الساهي والشاك:
هذا، وأمّا عن وجه الفرق بين الساهي ونحوه من أصحاب الصنف الأوّل، والشاك ومن ماثله من أصحاب الصنف الثــاني.
أنّ الساهي، يضبط ما حصل له من زيادة أو نقص، وأمّا الشاك، فإنّه لا يضبط ما حصل" إلاّ أنهم جميعا في العرف الفقهي، سواء، إذ كل تارك لجزء من متعلقات الصلاة، والكل مطالب بالتدارك والإصلاح، وإبراء الذمة، وسيأتي إن شاء الله ـ تعالى ـ مزيد من التفصيل لما ذكر حسب المقام.
والله اعلم ، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى وآله، وصحبه، ومن والاه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق