الأربعاء، 8 ديسمبر 2010

سجود السهو: صور من السجود البعدي


بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
فقه الصلاة على المذهب المالكي
سجود السهو
صور من السجود البعدي

   وللسجود البعدي ـ أيضاـ صوره، وأسبابه الموجبة له، نذكر منها ما تدعو إليه الحاجة، كأمثلة لما سبق ذكره من الضوابط، والأحكام الفقهية المتعلقة به، وذلك على النحو التالي:
1/ زيادة فعل يسير من جنس الصلاة:
   زيادة فعل يسير من جنس أفعال الصلاة، سهوا، موجبة للسجود البعدي، سواء كانت الزيادة محققة أو مشكوكا فيها، وذلك كزيادة، ركوع، أو سجود، أو ركعة كاملة، وما إلى ذلك مما هو من جنس  أفعال الصلاة.
   وأما زيادة الفعل الكثير، فمبطل للصلاة، وذلك مثل زيادة أربع ركعات كوامل في الصلاة الرباعية أو الثلاثية، أو الثنائية القصرية، أو زيادة ركعتين كاملتين في الصلاة الثنائية أصالة، كصلاة الصبح، أو الجمعة، بناء على أنها فرض يومها.
   هــذا، والمعتبر في الزيادة، كمال الركعة الأخيرة الزائدة، برفع الرأس من ركوعها.
   وبناء على هذا فإنّه إذا بلغت الزيادة المذكورة هذا القدر من الركعات، بطلت الصلاة، وأعيدت مطلقا، حيث لا ينفع معها السجود البعدي، أبدا، وكذلك الحكم لو كانت  الزيادة عمدا، وإن قلّت، كسجدة واحدة، أو ركوع فقط.
2/ زيادة فعل يسير من غير جنس الصلاة:
   وكـذا زيـادة فعل يسير من غير جنس أفعال الصلاة، هوـ أيضاـ موجب للسجود البعدي،  سواء كانت الزيـادة محققة أو مشكوكة، وذلك كأن ينسى المصلي، فيأكل مثلا، أو يشرب، إلا أنه إن كثر مثل هذا الفعل، وشبهه، بطلت الصلاة، ووجبت إعادتها، أبدا، إذ لا ينفع السجود البعدي في مثل هذا الفعل الكثير.
3/ زيادة قول فرض من جنس أقوال الصلاة:
   ومما يترتب عليه، السجود البعدي، هو زيادة قول من جنس أقوال الصلاة، سواء كانت الزيادة محققة، أو مشكوكا فيها، ولكن شريطة أن تكون هذه الزيادة فرضا من فرائض الصلاة، وذلك كقراءة الفاتحة مرتين في ركعة واحدة، أو إعادتها لأجل سرّ، أو جهر، بخلاف تكرارها عمدا، فإنه لا يترتب عليه السجود البعدي، بيد أن الذي يفعل ذلك، يأثم إثما كبيرا، وإن كان الراجح عدم بطلان صلاته.
   وأمّا إذا كانت الزيادة القولية، غير فرض، كالسورة التي مع ام القرءان، فإنه لا يترتّب على تكرارها شيء، عمدا كانت الزيادة أو سهوا، بل ولو زيدت قراءتها في ركعات الصلاة التي لا تسن فيها قراءة السورة، وكذا لو قرأ المصلي سورتين في ركعة واحدة.
4/ زيادة قول من غير جنس أقوال الصلاة:
   ومن موجبات السجود البعدي، زيادة قول من غير جنس أقوال الصلاة، سهوا، محققة كانت الزيادة أو مشكوكة، ولو كانت يسيرة، وذلك كالكلام، وشبهه، فإن كثرت الزيادة، أو كانت على وجه العمد، فمبطلة للصلاة، وموجبة لإعادتها أبدا.
5/ ترك الإسرار بالفاتحة:
   وكذا ترك الإسرار سهوا، عند قراءة الفاتحة كلها، أو نصفها ولو في ركعة واحدة، فإنّه موجب للسجود البعدي. وذلك يكون برفع الصوت بقراءتها، فوق سماع المصلّي نفسه ومن يليه، حيث أسمع من بعد عنه بنحو صف فأكثر، فإن أبدل سره بأدنى الجهر، وأسمع نفسه ومن يليه فقط، فلا سجود عليه.
6/ ترك الإسرار بالسورة  في الركعتين:
   وأمّا ترك الإسرار سهوا، عند قراءة السورة، فإنه لا يوجب السجود البعـدي، إلاّ إذا حصل في محله كله، من الصلاة، لا تركه في سورة واحدة، لأنّه فيها سنّة خفيفة لا يترتب عن تركها شيء .
7/ التطويل بمحل لم يشرع فيه التطويل:
   ومّما يترتب عليه السجود البعدي، التطويل سهوا، بمحل لم يشرع فيه التطويل، وذلك كالقيام بعد الرفع من الركوع، قدرا زائدا على الطمأنينة الواجبة والمسنونة، زيادة بيّنة. أو الجلوس بين السجدتين أكثر من المطلوب الواجب، والمسنون، وكذا لو كان التطويل عمدا، على القول الأظهر، ومثله في الحكم ـ أيضا ـ المستوفز للقيام على يديه وركبتيه، متجاوزا في التباطئ حدّ الطمأنينة.
   وأمّا تعمد التطويل، لأجل تذكر سهو، أو لأجل شك حصل في الصلاة، فإنّه لا شيء فيه، إلا إذا تجاوز هو الآخر الحد، وتفاحش، فيترتب عليه السجود البعدي، وأمّا لو كان التطويل عبثا، أو كان لأجل تذكر شيء غير متعلق بالصلاة، فإنّه وإن كان موجبا للسجود البعدي، إلا أنه مبطل للصلاة إذا تجاوز الحد، وتفاحش.
8/ التطويل بمحل يشرع فيه التطويل:
   والتطويل في محل من الصلاة، شرع فيه التطويل، قصد التقرب إلى الله ـ تعالى ـ حـال الركوع، مثلا، أو السجود، أو القيام حين القراءة، لا يترتب عليه السجود البعدي إلا إذا تجاوز الحد، وتفاحش.
   وأمّا لو طوّل المصلي عبثا في مثل هذه الأحوال، أو طول لأجل تذكر شيء خارج عن الصلاة، فيجب عليه أن يسجد بعد السلام، إلا إذا تجاوز الحد، فالظاهر عدم البطلان، لكنّه موجب للسجود البعدي .
9/ الزيادة على سجدتي القبلي:
   ومما يوجب السجود البعدي، الزيادة على سجدتي السجود القبلي، وذلك بأن يسجده ثلاثا، سهوا، خلافا لمن يرى ذلك، وأما الزيادة على سجدتي السجود البعدي فلا شيء فيها.
10/ تشفيع الوتر:
   وكذا يترتب السجود البعدي، على من شفّع وتره،  فصلاه ركعتين، سهوا، إلا أنه يجتزئ بوتره، ولا يعيده بعد سجوده سجدتي السجود البعدي.
11/ الشك في الشفع والوتر:
   ومما يوجب السجود البعدي، شك المصلي، أفي ركعة الشفع الثانية هو، أم في ركعة الوتر، حصل له ذلك حال الجلوس للتشهد، أو أثناء أفعال الركعة، وحينئذ فعلى المشهور إكمال الركعة التي هو فيها بنيّة الشفع، ويجعلها ثانيّة، ثمّ يسجد بعد السلام، ثم يأتي بركعة الوتر، قال في المدونة: "ومن لم يدر أجلوسه في الشفع أو في الوتر، سلّم، وسجد بعد السلام، وأوتر، وإن لم يدر أهو في الأولى جالس أو في الثانية، أو في الوتر، أتى بركعة، وسجد بعد السلام، ثم أوتر بواحدة".
12/الكلام، والنفخ في الصلاة:
   ومن موجبات السجود البعدي ـ أيضا ـ النفخ في الصلاة، سهوا، ظهر منه حرف أو لم يظهر ، كثيرا كان أو قليلا، إذ هو في الحكم كالكلام، سواء بسواء، وأما تعمده، فمبطل للصلاة، قلّ أو كثر. 
13/ الزيادة قبل السلام من السجود القبلي:
   وممّا يترتب عليه السجود البعدي، هو الزيادة بعد السجود القبلي، وقبل السلام منه، وذلك كمن سها بنقص وسجد له قبل السلام، لكنه تكلم ساهيا بعد سجوده هذا، وقبل السلام منه.
14/ زيادة التكبير في صلاة العيدين:
   وكذا يترتب السجود البعدي على زيادة التكبير في صلاتي العيدين، وفي هذا يقول الإمام مالك ـ رحمه الله، تعالى ـ كما جاء في مختصر ابن شعبان :"من سها في العيد فزاد تكبيرة واحدة، سجد بعد السلام".
15/ إتمام المشكوك فيه :
   ومن صور السجود بعد السلام، السجود لأجل إتمام الصلاة بسبب ما حصل فيها من شك، وذلك كمن شك هل نقص فرضا من فرائضها، أم لا، أو هل صلى ركعة واحدة، أم ركعتين، وحيث وجب البناء على النقص، والإتيان بالمشكوك فيه، ترتب السجود بعد السلام، لاحتمال زيادة المؤتى به.
16/ الشك المستنكح:
   ولئن كان الشاك المستنكح، غير مطالب بالإتيان بالمشكوك فيه، وكان حكمه البناء على الكمال، لاعتبار شكه كالعدم، إلا أنه مخاطب بسجود السهو بعد السلام، ترغيما للشيطان، على جهة الاستحباب.
17/ الشك في اشتراك صلاتين:
   ومما يترتب عليه السجود البعدي، الزيادة التي تحصل بسبب شكّ المصلي، أثناء صلاته، أهو في آخر ركعاتها، أو هو في الصلاة التي بعدها، وحيث وجب في مثل هذه الحالة، البناء على اليقين، واعتبار هذه الركعة آخر ركعات صلاته التي قبل التي بعدها، ترتب عليه السجود البعدي، لاحتمال زيادة هذه الركعة، وذلك كمن كان قائما في صلاة الظهر، فشكّ هل هو في آخر ركعاتها، أو هو في صلاة العصر، فيجعلها لصلاة الظهر، ثمّ بعد السلام يسجد سجدتي السهو، ثمّ يصلّي العصر، وكذا لو شكّ، هل هو في آخر ركعات العشاء أو في الشفع، فإنّه يجعل هذه الركعة للعشاء، ويسجد سجدتي السهو بعد السلام، ثمّ يصلّي الشفع، وعلى هذا تقاس جميع النظائر.
   والله اعلم ، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى وآله، وصحبه، ومن والاه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق