الجمعة، 3 ديسمبر 2010

سجود السهو: مميّزات السجود القبلي


بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
فقه الصلاة على المذهب المالكي
سجود السهو
مميّزات السجود القبلي:

للسجود القبلي مميّزات فارق بها السجود البعدي مقصدا، وحكما، نذكر منها.
1/ في غير صلاة الجمعة:
السجود القبلي بجميع صوره الموجبة له، في غير صلاة الجمعة، يجوز أداؤه في الجامع الذي حصل فيه السهو، أو رحبته، أو الطرق المتصلة به، أو في غير ذلك من الأماكن، إن لم يطل الوقت، أو ينتقض الوضوء، وذلك بناء على أنّ الخروج من الجامع لا يعد طولا، كما هو مذهب ابن القاسم، إذ الطول عنده مقيد بالعرف.
وبناء على هذا، فلو خرج صاحب السهو من المسجد إثر الصلاة، ولم يطل الوقت، و لم ينتقض وضوؤه، جاز له أن يسجد لسهوه، السجود القبلي،  فيما ذكر من تلك الأماكن، وغيرها ولو انتفى الضيق، واتصال الصفوف، والاكتضاض، على المعتمد من المذهب.
2/ في صلاة الجمعة:
وأمّا السجود القبلي المترتب عن نقص في صلاة الجمعة فإنه لا يجوز أداؤه إلا في الجامع الذي صليت فيه الجمعة صاحبة السهو. ومثل الجامع على القول المعتمد، رحبته والطرق المتصلة به، بناء على القول بصحّة الصلاة فيها.
وذلك كمن أدرك ركعة من الجمعة مع الإمام، ثم قام يقضي بعد سلامه، فسها عن السورة، ولم يتذكر إلا بعد أن سلّم، فالسجود المترتب عن نقص هذه السورة لا يسجده إلا في الجامع الذي صلى فيه تلك الصلاة.
ولنفرض أنه خرج من الجامع، وتذكر سهوه بالقرب فإنّه يجب عليه أن يرجع إلى الجامع ويسجد فيه سجدتي السهو، وذلك بأن يجلس مستقبلا القبلة، ثمّ يكبر، ناويا الإحرام وجوبا، رافعا يديه عند التكبير على جهة الاستحباب، ثمّ يسجد سجدتي السهو، ويتشهد عقبيهما استنانا، ليقع سلامه إثر تشهده، ثم يسلّم وقد جبر النقص الحاصل في صلاته.
وأمّا إن سجد لسهوه هذا،  في غير الجامع الذي صلى فيه الجمعة كان كالتارك للسجود القبلي، وعندئذ ينظر في أمره، فإن كان هذا السجود قد ترتب عن نقص ثلاث سنن فأكثر، بطلت الصلاة،  بناء على القول بوجوب السجود القبلي، وإن كان قد ترتب عن نقص أقل من ثلاث سنن، صحت صلاته. والله أعلم.
وإذن فتسميته سجودا قبليا، في هذه الصورة، والتي قبلها، باعتبار ما كان، وإلاّ فهو الآن واقع بعد السلام.
3/ بطلان الصلاة بتركه:
ومن مميّزات السجود القبلي، أنّه تبطل الصلاة بتركه،عمدا اوسهوا في مذهبنا، إن ترتب عن نقص ثلاث سنن فأكثر، بناء على القول بوجوبه، باعتباره جزءا من الصلاة، وداخلا فيها، وجابرا للنقص الحاصل فيها.
4/ وجوب اتصاله بالصلاة:  
ولما كان المقصد من مشروعية السجود القبلي هو جبر النقص الحاصل في الصلاة، وجب وصل الجابر بالمجبور، إلا إذا تأخر أداؤه بعد السلام قليلا، وبلا طول، فمغتفر.
5/ بطلان الصلاة بما لا يوجب السجود:
ومما هو مقرّر في المذهب، أن الصلاة تبطل بالسجود القبلي، لما لا يوجب السجود  كنقص مستحب، أو سنة خفيفة، ولو سجده الساهي جهلا، إلاّ أن يسجده تبعا لمن يرى السجود لذلك.
6/ سجوده مع الإمام قبل قضاء المسبوق:
ومن مميّزات السجود القبلي أن المسبوق، الذي أدرك مع الإمام ركعة كاملة من الصلاة، يسجده مع إمامه إذا سجده، قبل القيام لقضاء ما فاته من ركعات الصلاة، سواء أدرك موجب السجود المترتب على إمامه، أو لم يدركه.
7/ جبره للنقص الحاصل في الصلاة:
ومن مميّزات السجود القبلي ـ أيضا ـ أن حكمة مشروعيته هي، جبر نقص السنن الحاصل بسبب السهو في الصلاة.
8/ أنه يسجده المسبوق ولو تركه الإمام:
وممّا ميّز به السجود القبلي، أنّ المسبوق يسجده قبل القيام لقضاء ما فاته من الصلاة، إذا ترتب على إمامه سجود قبلي، وسلم ولم يسجده.
والله اعلم ، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى وآله، وصحبه، ومن والاه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق