الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010

سجود السهو: السهو عن الفرائض


بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

فقه الصلاة على المذهب المالكي
سجود السهو
السهو عن الفرائض

إذا كان السجود للسهو كذلك، وكانت أحكامه تلك كما رأيت، جبرا لنقص سنة مؤكدة، فات محل تداركها، أو ترغيما للشيطان بسبب زيادة لم يقع التنبه لها، فإن هذا السجود نفسه لا يجزئ في شيء، إذا تعلق الأمر بنقص فرض من فرائض الصلاة، إجماعا، وإنّما يجب تدارك الفرض الممكن تداركه، أو تعويض الركعة الناقصة بأخرى بدلا عنها، وإلا  بطلت الصلاة.
وحيث تم تدارك النقص، أو تعويض ما فات تداركه، تعيّن الإتيان بسجدتي السهو إن قبليا فقبليا، وإن بعديا فبعديا. ما لم يكن الساهي مستنكحا، لعدم مطالبته بسجود السهو بعد إصلاح صلاته، رحمة به، ورفعا للمشقة عنه.
الفرائض المتوقع السهو عنها:
هذا والفرائض المتوقع السهو عنها في الصلاة،  والممكن تداركها، قد لا تزيد عن خمسة فرائض، ألا وهي: الركوع، والرفع منه، والسجود، والسلام، والجلوس للسلام. وأما الرفع من السجود، فإنه وإن كان فرضا من فرائض الصلاة، إلا أنّه لا يتصور حدوثه.

السهو عن النيّة وتكبيرة الإحرام:
وأما النية، وتكبيرة الإحرام، فهذان فرضان لا يمكن تداركهما أبدا، إذ لا صلاة لساه عنهما، أو عن أحدهما، وعلى الساهي أن يقطع متى ذكر ويبتدئ.
السهو عن قراءة الفاتحة:
وأما من سها عن قراءة الفاتحة، أو غفل عنها في أيّ ركعة من ركعات صلاته، إماما كان الساهي أو فذّا، ثمّ تذكّر أثناء قراءة السورة، أو بعد قراءتها وقبل الانحناء لركوع الركعة التي حصل فيها السهو وجب عليه قراءتها، وإلاّ بطلت الصلاة، وله أن يعيد قراءة السورة، استحبابا على المشهور، وإلاّ بأن فات محلّ التدارك بالانحناء للركوع، واصل الساهي صلاته، ثمّ بعد الفراغ منها سجد سجدتي السهو، قبل السلام، وأعادها على جهة الاستحباب في الوقت وخارجه، كما هو المعتمد، وأمّا لو تركها سهوا في أكثر من ركعة، تمادى على صلاته، دون انقطاع، ثمّ قبل السلام منها يسجد سجدتي السهو، ويعيدها وجوبا.
مواطن السهو في الفرائض:
فإذا ما تتبعنا مواطن السهو عن الفرائض الموجب للإصلاح، والتدارك، وجدناها حاصلة في أحد موضعين من الصلاة، إما في الركعة الأخيرة،وإمّا في غيرها، وفي كلا الموضعين، إما أن يحصل التذكر قبل الانحناء للركوع أو بعد رفع الرأس منه ، أو يحصل قبل السلام من الصلاة، أو بعده بقرب، أو بطول، ولكل موضع من هذه المواضع، وضع الفقهاء، ضوابط لتدارك الفرض المسهو عنه، تحول دون وقوع الساهي في إثم إبطال الصلاة، وإعادتها.
ما بعـد تدارك الفرض المنسي:
وكذلك أيضاـ وضع الفقهاء قاعدتين هامّتين، متعلّقتين، بما يجب عمله، بعد الفراغ من الصلاة التي حصل فيها التدارك، والإصلاح.
أولاهمـا: أنّه إذا حصل النقص، في إحدى الركعتين الأوليين، سجودا كان، أو ركوعا، أو رفعا منه، وكان التذكر أثناء الركعة الثالثة، بعد فوات التدارك،(أي: والحال أنّه ألغى الركعة صاحبة النقص وأتى بأخرى بدلها، على النحو الآتي ذكره)، فالسجود للسهو، يكون قبل السلام من الصلاة، وذلك لنقص السورة، من الركعة الثالثة التي انقلبت ثانية، وزيادة الركعة البديلة الملغاة، فاجتمع في هذه الصورة النقص والزيادة، فترتّب السجود القبلي.
وثــاني القـاعدتين: أنّه إذا لم يحصل النقص في الركعتين الأوليين، أو حصل في واحدة منهما، وكان التذكر أثناء الركعة الثالثة، قبل فوات التدارك،(أي: والحال أنّه تدارك النقص الحاصل سجودا كان أو ركوعا أو رفعا منه على النحو الآتي ذكره)، فالسجود للسهو يكون بعد السلام من الصلاة، للزيادة الحاصلة فيها ما لم يكن قد حصل نقص سنّة ولو خفيفة، وإلاّ فقبله أيضا، لاجتماع النقص والزيادة.
وهذا الذي تقدّم في غير الساهي المستنكح، وأمّا هو فعليه إصلاح الصلاة، وتدارك المسهو عنه فقط، وأمّا السجود للسهو، فإنّه غير مطالب به أصلا، رحمة به، ورفعا للمشقة عنه، كما سبق بيان ذلك، في مبحث الفقهاء والحالات النفسية.
قاعدة البناء في الأقوال والأفعال:
ثمّ وإلى جانب هاتين القاعدتين، وضع الفقهاء كذلك، قاعدة فقهيّة لكيفية إتمام الصلاة بعد إلغاء الركعة التي فات تدارك نقصها، وهي قاعدة البناء في الأقوال والأفعال، وذلك بأن يأتي الساهي بركعات الصلاة المتبقية عليه، بانيا على ما صح عنده من ركعاتها، وأقوالها، حسب موقعها من الصلاة التي هو فيها، إن سرا فسرا، وإن جهرا فجهرا، وإن بالفاتحة والسورة، فبالفاتحة والسورة، ثم يزيد عليها ركعة أخرى مكان الركعة الملغاة على صفة الركعة الأخيرة من صلاته، ثم يسجد للسهو، إن قبليا فقبليا، وإن بعديا فبعديا.
قاعدة القضاء في الأقوال والبناء على الأفعال:
وإذا كانت قاعدة البناء في الأقوال والأفعال، كما رأيت فإن قاعدة القضاء في الأقوال والبناء على الأفعال، على خلاف ذلك، إذ حقيقة القضاء هو أن يقضي المسبوق، بعد سلام إمامه، ما فاته به قبل دخوله معه في الصلاة من الأقوال على نحو ما قرأ، فما قرأه سرّا أو جهرا، من فاتحة وسورة ، أو فاتحة فقط،  يقرؤه على الصفة نفسها، وأما حقيقة البناء فهو: أن يجعل المسبوق ما أدركه مع الإمام من ركعات الصلاة أوّل صلاته، وما فاته آخرها، وإذن فحاله حين البناء، كما قيل : ( كحال المصلي وحده عكس القضاء تماما).
والله اعلم ، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى وآله، وصحبه، ومن والاه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق