الجمعة، 8 أكتوبر 2010

الصفة الكاملة لمناسك الحج : الاحــرام


بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

مسألة فقهية، رقم:6
في فقه الحـج على المذهب المالكي
 6ـ الإحرام :

والآن، وأنت تشرع في التوجه أنو بقلبك إن كنت تريد الحج فقط. محركا لسانك قائلا : " اللّهم نويت الحج وأحرمت به لله ـ تعالى ـ وهذا يسمى إفراد، وهو الأفضل في مذهبنا. وإن كنت تريد التمتع قل : "اللهم نويت العمرة وأحرمت بها لله. تعالى ـ "وسمي تمتعا للاعتمار في أشهر الحج ثم التحلل إلى حين يوم التروية للإحرام بالحج ولذلك وجب الهدى، وإن كنت تريد القران قل : "اللهم نويت العمرة والحج وأحرمت بهما لله ـ تعالى ـ وسمي قران لقرن الحج والعمرة معا، حيث تندرج أعمال العمرة في الحج، فيكفي طواف واحد وسعي واحد لهما ولذلك وجب على القارن الهدي كالمتمتع، كما يجب عليه أن يقدم العمرة في النية عند الاحرام، وأما التلفظ بها قبل التلفظ بالحج فمستحب.
واعلم أن نية الإحرام ركن من أركان الحج عند الميقات المكاني وتقديمها عليه مكروه، وتستحب إذا استقر الراكب على مركوبه ، والماشي إذا مشى.
هذا والمتفق عليه هو أن الميقات المكاني للإحرام بالنسبة لسكان تونس، بل ولكامل أقطار المغرب، الجحفة أو رابغ التي صار الناس يحرمون منها لما خربت الجحفة.
ومع ذلك يصح الإحرام قبل الميقات مع الكراهة، لكن يجب الحذر من الوقوع في ما هومحظور من محظورات الحج.
إلاّ أنه تيسيرا على الحاج التونسي أجاز فقهاء المالكية الإحرام من جدة لمن وصلها عبر البحر أو الجو، كما هو مبين بالفتوى الآتي نصها : "وأما النازلون بالمدينة المنورة ، فإنهم يحرمون من ذي الحليفة، وهو المكان المعروف" بآبار علي" .


فتوى جواز الإحرام من جدّة

قال العلامة ، المرحوم الشيخ : محمد الطاهر بن عاشور: 
تردد النظر بين إلحاق حكم راكب الطيارة بحكم راكب السفينة إذا كان محل نزوله بأرض الحجاز متجاوزا ميقات الإحرام المعين لأهل أفقه.
فروى ابن نافع عن مالك: لا يحرم الحاج في السفينة، هذا يحتمل وجوب النزول إلى الميقات، وفيه مشقة ينبغي نفيـها عن الدين، ويحتمل أن يـريد أنه يرخــص لـه تأخيـر الإحرام إلى النزول إلى الأرض.
وروى في النوادر عن محمد بن المواز، فقال مالك:
من حج في البحر من أهل مصر وشبههم يحرم إذا حاذى الجحفة.
وظــاهره أن ذلك حكـم إحــرامـه ولا يجــوز لـه تجــاوز ســمت المحــاذاة محرم بالنية والتجرد من مخيط الثياب.
وفصل سند فقال : إن كان المسافر في البحر محاذيا للبر مثل السفر في بحر القلـزم أحرم إذا حاذى ميقات أفقه، لأنه يمكنه النزول إلى البر ليحرم من ميقاته (أي بدون مشقة لأن البر قريب) ويجوز تأخير الإحرام للمشقة، لكن عليه هدي لأن التأخير رخصة، والرخصة تدفع الإثم في التجاوز ولا تسقط وجوب الهدي.
و أما من سافر في البحر لا يحاذي الشواطئ مثل نهر الهند وبحر اليمن وبحر عيــذاب، فيجـــوز له تأخير الإحرام ولا هـــدي عليه لأنه إذا جـــاز له التأخير انتفى وجوب الهدى ، حتى يدل دليل على وجوب الهدى مع جواز التأخير ولا دليل عليه، فلا يحرم حتى يصل إلى البر إلا أن يخرج إلى البر بعد ميقات أفقه.
ووافقه القرافي في الذخيرة، وابن عرفة والتادلي وابن فرحون في شرح ابن الحاجب وفي مناسكه.
فقال الحطاب : وشاهدت الوالد يفتي به غير مرة. أهـ
وأقول: الحق أنه لا يحرم حتى ينزل إلى البر لأن تكليف النزول في أثناء السير لأجل الإحرام مشقة، وتكليفهم الإحرام في السفينة مشقة أيضا لطول مدة التجرد ولوازم الإحرام.
أما المسافر في الطائرة فهو لا يمر بالأرض أصلا ولا يتصور فيه إمكان النزول قبل الوصول إلى المنازل الملائمة لنزول الطائرة فلا يتصور فيه إمكان النزول حتى يرخص له التفادي عنه بالإحرام في الطيارة ولأن الإحرام في الطائرة مشقة ومضرة لشدة برودة الجو ويحتاج إلى التدثر بالثياب، وفي الغالب لا يوجد في ثياب الإحرام ما يصلح للتدثر.
هذا وأما موقع الإحرام في صور من لا يحرم حتى ينزل إلى البر ففي شرح الحطاب عن سند : لا يرحل الحاج من جدة إلا محرما لأن جواز التأخير إنّما كان للضرورة، وهل يحرم إذا وصل إلى البر أو إذا ظعن من جدة؟ لأن سنة من أحرم وقصد البيت أن يتصل إهلاله بالمسير.
                               مجلة الهداية :  ع6 : ـ سنة 15 ص ـ15 ـ
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحابته، ومن والاه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق