بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
مسألة فقهية، رقم:6
في فقه الحـج على المذهب المالكي
23ـ من عرفة إلى المزدلفة :
فإذا غربت الشمس من يوم عرفة "تاسع ذي الحجّة" ومضي جزء يسير من ليلة العيد"عاشر ذي الحجة" تكون قد أديت الركن الثالث من أركان الحجّ.
وإذن فعليك الآن أن تنفر من عرفات إلى المزدلفة مع الإمام على جهة السنية، للمبيت بها استحبابا، إذ لا يجب شيء في ترك المبيت بالمزدلفة.
فإن لم يتسن لك المبيت، انزل وحط رحالك وجوبا، إذ ترك النزول بها وعدم حط الرحال، موجب للهدي، إلا لعذر قاهر، وعلى أرضها أجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير، مقصرا العشاء، وذلك بأذانين وإقامتين على جهة السنية.
وإليك هذه المسائل المتعلقة بصلاتي المغرب والعشاء لهذه الليلة :
1ـ إذا كنت وقفت بعرفات مع الإمام، ثم نفرت معه إلى المزدلفة، صل معه بعد مغيب الشفق الأحمر، المغرب والعشاء بالمزدلفة، جمع تأخير بأذانين وإقامتين مقصرين الصلاة الثانية، وذلك على جهة السنية.
2 ـ فان وقفت مع الإمام بعرفات وتخلفت عن السير معه إلى المزدلفة لعجز، يجوز لك أن تجمع بين صلاتي المغرب والعشاء، في أي مكان، ولو في غير المزدلفة. وذلك بعد مغيب الشفق الأحمر بأذانين وإقامتين، وتقصر العشاء.
وأما إذا وقفت معه وتخلفت اختيارا، فلا تجمع إلا في المزدلفة.
3 ـ فإذا لم تقف بعرفة مع الإمام ووقفت بمفردك أو صحبة الرفقة فلا يجوز لك الجمع بين المغرب والعشاء لا بمزدلفة ولا بغيرها، بل صل كل فريضة في وقتها، وقصر العشاء استنانا، وذلك لأنّ الجمع بين الصلاتين المذكورتين، لا يسن إلا لمن وقف مع الإمام، وتابعه في مناسك يوم عرفة.
4 ـ من صلى المغرب والعشاء بعد مغيب الشفق، وقبل الوصول إلى المزدلفة، والحال أنه مطالب بالجمع بينهما لكونه وقف مع الإمام وسار معه، يعيد المغرب فور نزوله بمزدلفة في الوقت استحبابا، وأما العشاء فيعيدها وجوبا لبطلانها.
5 ـ لا يقصر الرباعية إلا من كان من غير أهل المكان، وأما هم، كسكان عرفة والمزدلفة فيتمون.
24 ـ التقاط الحصى :
ثم بعد الفراغ من صلاتي المغرب والعشاء التقط سبع حصيات في حجم الفولة، من أرض المزدلفة على جهة الاستحباب، وذلك لرمي جمرة العقبة فجر يوم العيد.
وأمّا بقيّة الحصيات فلك أن تجمعها من المزدلفة أو من أي مكان شئت وهي لرمي الجمرات الثلاث أيام التشريق التي هي "الحادي عشر ـ والثاني عشر ـ والثالث عشر من شهر ذي الحجّة" . ومجموع عدد الحصيات لرمي الجمرات طيلة هذه الأيام. ثلاث وستون بالنسبة لغير المتعجّل ، وأمّا المتعجل فيكتفي بجمع اثنتين وأربعين حصاة فقط، مع العلم أن التعجيل رخصة لكل حاج إلا أمير الحج فيكره في حقه.
هذا وإن بت ـ أيّها الأخ الكريم ـ بالمزدلفة، اغتنم هذه الفرصة فلا تنم إلا قليلا، واسهر متهجدا، ذاكرا، تاليا، مصليا على حبيب القلب سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم إلى أن يحين وقت صلاة الصبح.
25 ـ إلى المشعر الحرام :
إذا بت بالمزدلفة، صل صبح يوم النحر "عاشر ذي الحجّة" مع الإمام، أو في جماعة أخرى وإلا فصله منفردا.
ثم تحول مغلسا على جهة الاستحباب إلى المشعر الحرام وهو جبل بالمزدلفة كانت العرب تشعر فيه هداياها، وقف هناك مستقبلا الكعبة الشريفة، مكبّرا، مستغفرا، داعيا الله ـ جلّ شأنه ـ إلى الإسفار البيّن.
وإن شئت فادع بالدعـــــــــــــــاء الآتي :
"الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العليّ العظيم.
اللّهم إنّي أدعوك امتثالا لأمرك، وتصديقا بكتابك، مستغفرا ومسترحما، فامنحني يا غفور، يا رحيم، غفرانك ورحمتك، واستجب لدعائي إنك سميع مجيب.
اللّهم أنت الذي حملتني وبلّغتني إلى بيتك، وأوقفتني بعرفات، أرض البركات والدعوات المستجابات، وها أنا بالمشعر الحرام، أقف لك شاكرا وذاكرا، رب اغفر ذنبي وارحم ضعفي ولا تردّني خائبا، واحشرني في زمرة عبادك الصالحين يا أرحم الراحمين.
رب اجعلني مقبلا عليك، معرضا، عمن سواك، فخذ بيدي إليك وامنحني عطفك وحلمك، ها أنا أتضرّع إليك وذنوبي بين يديك، فطهرني منها، وادفع بي في طريقك القويم، ولا تتركني أزيغ عنه ما بقيت.
رب كن معي ولي ولا تكن عليّ، وتوفني مسلما مؤمنا طائعا تائبا، واجعلني يوم الفزع الأكبر من الذين تظلهم تحت ظلك، يوم لا ظل إلا ظلك، وممن تناولهم كتبهم باليمين، وممن تدخلهم جنّتك وتمتعهم بالنظر إلى وجهك الكريم يا أرحم الراحمين.
اللّهم صل وسلم وبارك على أشرف المرسلين وخاتم النبيين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجّلين، عبدك ونبيك سيّدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ تسليما كثيرا.
ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار"
والله أعلم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحابته، ومن والاه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق