الثلاثاء، 19 أكتوبر 2010

الصفة الكاملة لزيارة المدينة المنورة


بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين

مسألة فقهية، رقم:6
في فقه الحـج على المذهب المالكي
الصفة الكاملة
لزيارة المدينة المنورة

    زيارة النبيّ

صلى الله عليه وسلم


ثم بعد توديع الكعبة الشريفة، سافر إلى المدينة المنورة و انزل ضيفا على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي بّلغ الرسالة ، و أد الأمانة و جاهد في الله حق جهاده فاقام للدين بنيانه و رفع للحق لواء ه ، وجمع الأمة على كلمة التوحيد، وهداها إلى سواء السبيل، صراط الله المستقيم. فزيارته تطيب بها القلوب، وترتاح لها الأنفس، وتغفر بواسطتها الذنوب، حيث قال تعالى "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما" ـ النساء: 64
وكيف لا تزره، ومن زاره ميتا فكأنّما زاره حيّا، ومن زار قبره وجبت له شفاعته يوم القيامة إن شاء الله، بل إن زيارة قبره ـ عليه السلام ـ ومشاهدة مهبط الوحي ومعقل دولة الإسلام الأولى وتشخيص مسيرة الذين بذلوا أرواحهم وأموالهم في سبيل الله تعالى، والذود عن دينه الحنيف، جديرة بأن تكون من أجلٌ القرب، وأمتع الرحلات، وأرسخ للإيمان.
وإذن فاغتسل، وتطيّب، والبس أحسن ثيابك وتوجه إلى المسجد النبوي الشريف، لمقابلة حبيب القلوب محمد صلى الله عليه وسلم. ووزيريه أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب ـ رضي الله عنهما ـ وجدد بين أيديهم العهد،
وأعلن التوبة، وبلغ سلامي وسلام من أوصاك واستوصاك، وأشركنا في دعائك ، جزاك الله خيرا .
و لا تنسى ـــ الصلاة والسلام عليه ـــ صلى الله عليه وسلم و أنت في الطريق إليه ، بهذه الصيغة :
"اللّهم صل على محمد و أزواجه و ذريته كما صليت على آل إبراهيم ، وبارك على محمد وأزواجه  وذريّته كما باركت على آل إبراهيم ،انك حميد مجيد "
هذا و للزيارة آداب و أدعية مأثورة ، رتبتها على النحو الآتي و جعلتها بين يديك رجاء اتباعها ، و الله الموفق .

1 ـ تحية المساجد:

يستحب لك أن تصلي بالمساجد التي تمر بها في طريقك من مكة المكرمة إلى المدينة ،إن أمكن لك ذلك ـ وهي عشرون مسجدا تقريبا.

2 ـ دعاء معاينة المدينة :

       وعندما تصل إلى المدينة المنورة، وتعاين بنيانها قل : اللّهم هذا حرم نبيّك فاجعله وقاية لي من النار، وأمانا من العذاب وسوء الحساب".

3 ـ الدخول إلى المدينة :

أدخل الآن المدينة، متواضعا، ولسان حالك يقول "اللّهم رب السماوات وما أظللن، وربّ الأرضين وما أقللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه البلدة ، و خير أهلها ، و خير ما فيها و أعوذ بك من شرها و شر أهلها ، اللهم هذا حرم رسولك ، فاجعل دخولي فيه وقاية لي من النار ، و أمانا من العذاب و سوء الحساب ".

4 – الدخول إلى المسجد النبوي :

 ادخل المسجد النبوي الشريف ، من باب السلام ــ ان أمكن ــ مقدما رجلك اليمنى قائلا :
" اللهم صل على محمد و على آل محمد ، اللهم اغفر لي ذنوبي و افتح لي ابواب رحمتك ، اللهم اجعلني اليوم من اوجه من توجه إليك ، و اقرب من تقرب إليك ، و انجح من أناب و ابتغى مرضاتك ".

5 – الصلاة في الروضة الشريفة:

اجعل المنبر النبوي عن يمينك مستقبلا القبلة و صلّ ركعتين تحية للمسجد ، إن أمكن و إلا فصلهما في أي مكان من المسجد ، و ادع ربك بما تحب .

6 – المواجهة الشريفة:

توجه عقب الصلاة مباشرة إلى قبره  ــ  صلى الله عليه وسلم ــ و قف عند رأسه الشريف في سكينة ووقار ، ثم حييّ حبيبك محمدا  ــ صلى الله عليه وسلم ــ بهذه التحية: " السلام عليك يا نبي الله و رحمة الله و بركاته ، اشهد انك رسول الله ، قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، و نصحت الأمة، و جاهدت في أمر الله حتى قبض الله روحك حميدا محمودا، فجزاك الله عن صغيرنا و كبيرنا خير الجزاء، و صلى عليك افضل الصلاة و أزكاها ، و أتم التحية وأنماها.
اللّهم اجعل نبيّنا يوم القيامة أقرب النبيين، واسقنا من كأسه، وارزقنا من شفاعته، واجعلنا من رفقائه يوم الدين.
اللّهم لا تجعل هذا آخر العهد بقبر نبيّناـ عليه السلام ـ وارزقنا العود إليه يا ذا الجلال والإكرام".
ثم بلغ سلام من أوصاك، قائلا: "السلام عليك يا رسول الله، من فلان بن فلان، يستشفع بك إلى ربك، فاشفع له ولجميع المسلمين" ثم صل عليه، ما شئت.

 7ـ إلى أبي بكر الصديق:

ثم تحول قدر ذراع حتى تحاذي رأس أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقل :
"السلام عليك يا خليفة رسول الله، السلام عليك يا صاحب رسول الله في الغار، السلام عليك يا رفيقه في الأسفار، السلام عليك يا أمينه في الأسرار، جزاك الله عنا أفضل ما جزي إمام عن أمة نبيه، ولقد خلفته بأحسن خلف، وسلكت طريقه ومنهاجه خير مسلك. وقاتلت أهل الردّة والبدع، ومهدت الإسلام، ووصلت الأرحام، ولم تزل قائما للحق، ناصرا لأهله حتى أتاك اليقين، السلام عليك ورحمة الله وبركاته، اللّهم أمتنا على حبه ولا تخيب سعينا في زيارته برحمتك يا كريم"

 8ـ إلى عمر بن الخطاب :

ثم تحول قليلا حتى تحاذي قبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقل :
"السلام عليك يا أمير المؤمنين، يا مظهر الإسلام، السلام عليك يا مكسر الأصنام، جزاك الله عنّا أفضل الجزاء، ورضي الله عمن استخلفك، فقد نصرت الإسلام والمسلمين ، فكفلت الأيتام، ووصلت الأرحام، وقوي بك الإسلام، وكنت للمسلمين إماما مرضيا، وهاديا مهديا ، جمعت من شملهم وأغنيت فقيرهم، وجبرت كسرهم، السلام عليك ورحمة الله وبركاته.

 9ـ توديع أبي بكر وعمر :

ثم ارجع قدر نصف ذراع، وقل :
"السلام عليكما يا ضجيعي رسول الله ورفيقيه ووزيريه، ومشيريه، والمعاونين له على القيام في الدين، القائمين بعده بمصالح المسلمين، جزاكما الله أحسن الجزاء".
ثم ادع لنفسك ولوالديك ولمن أوصاك بالدعاء ولجميع المسلمين.

10ـ  توديع الرســــول عليه الســـــلام :

ثم قف عند رأسه الشريف ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقل:
اللّهم إنّك قلت وقولك الحق : "ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما"ـ النساء:64
وقد جئناك سامعين قولك، طائعين أمرك، متشفعين بنبيّك "ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنّك رؤوف رحيم" ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين"
ثم ادع بما شئت لك ولإخوانك المسلمين.
أخي الحاجّ ها أنت والحمد لله قد أنهيت زيارتك لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصاحبيه الجليلين ـ رضي الله عنهما .
فأت ـ إن شئت اسطوانة أبي لبابة ـ رضي الله عنه ـ التي ربط بها نفسه حتى تاب الله عليه وهي بين القبر والمنبر، فصل هناك ركعتين وأكثر من الدعاء والاستغفار.
ثم آتي الروضة الشريفة، وصل فيها ما تيسر وادع الله تعالى، وسبحه، واثن عليه كثيرا وتعوذ برحمته من سخطه وعقابه.
هذا وبالمدينة المنورة، مزارات، ومشاهد عظيمة، يستحب زيارتها، فاغتنم الفرصة وزرها ففيها عظة وعبرة، مع المحافظة على إقامة الصلاة بالمسجد النبوي، مادمت في المدينة المنورة.

والله أعلم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحابته، ومن والاه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق